نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 199
وأوفت بنذرها. ثم قاتلهم الناس وخرجوا وقام الحجّاج في الناس يستشيرهم وبرز إليه قتيبة وعذله في بعث الرعاع ينهزمون ويموت قائدهم والرأي أن تخرج بنفسك فتحالمه [1] فخرج من الغد إلى السّبخة وبها شبيب واختفى مكانه عن القوم ونصب أبا الورد مولاه تحت اللواء فحمل عليه شبيب فقتله. ثم حمل على خالد بن عتاب في الميسرة ثم على مطرف بن ناجية [2] في الميمنة فكشفهما ونزل عند ذلك الحجّاج وأصحابه وجلس على عباءة ومعه عنبسة بن سعيد وبينما هم على ذلك إذ اختلف الخوارج وقال مصقلة بن مهلهل الضبيّ لشبيب: ما تقول في صالح بن مسرّح؟
قال: برئت منه. فبرئ مصقلة منه، وفارقه. وشعر الحجّاج باختلافهم فسرّح خالد بن عتاب لقتالهم فقاتلهم في عسكرهم وقتل غزالة وبعث برأسها إلى الحجّاج فأمر شبيب من اعترضه فقتل حامله، وجاء به فغسله ودفنه. وانصرف الخوارج وتبعهم خالد وقتل مضاد أخو شبيب ورجع خالد عنهم بعد أن أبلى. وسار شبيب إلى كرمان. وكتب الحجّاج إلى عبد الملك يستمدّه فبعث إليه سفيان بن الأبرد الكلبيّ في العساكر فأنفق فيهم المال، وسرّحه بعد انصراف الخوارج بشهرين وكتب إلى عامل البصرة وهو الحكم بن أيّوب زوج ابنته أن يبعث بأربعة آلاف فارس من جند البصرة إلى سفيان فبعثهم مع زياد بن عمر العتكيّ فلحقه [3] انقضاء الحرب. وكان شبيب بعد أن استجم بكرمان أقبل راجعا فلقي سفيان بالأهواز فعبر إليه جسر دجيل وزحف في ثلاثة كراديس فقاتلهم أشدّ قتال وحملوا عليهم أكثر من ثلاثين حملة وسفيان وأهل الشام مستميتين يزحفون زحفا حتى اضطرّ الخوارج إلى الجسر فنزل شبيب في مائة من أصحابه، وقاتل إلى المساء حتى إذا جاء الليل انصرف وجاء إلى الجسر فقدّم أصحابه وهو على أثرهم فلما مرّ بالجسر اضطرب حجر تحت حافر فرسه وهو على حرف السفينة فسقط في الماء وغرق وهو يقول: وكان أمر الله مفعولا، ذلك تقدير العزيز العليم. وجاء صاحب الجسر إلى سفيان وهو يريد الانصراف بأصحابه فقال: إنّ رجلا من الخوارج سقط فتنادوا بينهم غرق أمير [1] فتحاكمه: ابن الأثير ج 4 ص 429. [2] مطر بن ناجية: المرجع السابق. [3] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج 4 ص 431: «فسيّرهم مع زياد بن عمرو العتكيّ، فلم يصل إلى سفيان حتى التقى سفيان مع شبيب» .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 3 صفحه : 199