responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 791
الهبوب من النّوم وفراغ المعدة ونشاط الفكر وفي هؤلاء [1] الجمام. وربّما قالوا إنّ من بواعثه العشق والانتشاء ذكر ذلك ابن رشيق في كتاب العمدة وهو الكتاب الّذي انفرد بهذه الصّناعة وإعطاء حقّها ولم يكتب فيها أحد قبله ولا بعده مثله.
قالوا: فإن استصعب عليه بعد هذا كلّه فليتركه إلى وقت آخر ولا يكره نفسه عليه. وليكن بناء البيت على القافية من أوّل صوغه ونسجه بعضها ويبني الكلام عليها إلى آخره لأنّه إن غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها في محلّها. فربّما تجيء نافرة قلقة وإذا سمح الخاطر بالبيت ولم يناسب الّذي عنده فليتركه إلى موضعه الأليق به فإنّ كلّ بيت مستقلّ بنفسه ولم تبق إلّا المناسبة فليتخيّر فيها كما يشاء وليراجع شعره بعد الخلاص منه بالتّنقيح والنّقد ولا يضنّ به على التّرك إذا لم يبلغ الإجادة. فإنّ الإنسان مفتون بشعره إذ هو نبات فكره واختراع قريحته ولا يستعمل فيه من الكلام إلّا الأفصح من التّراكيب. والخالص من الضّرورات اللّسانيّة فليهجرها فإنّها تنزل بالكلام عن طبقة البلاغة. وقد حظر أئمّة اللّسان المولّد من ارتكاب الضّرورة إذ هو في سعة منها بالعدول عنها إلى الطّريقة المثلى من الملكة. ويجتنب أيضا المعقّد من التّراكيب جهده. وإنّما يقصد منها ما كانت معانيه تسابق ألفاظه إلى الفهم. وكذلك كثرة المعاني في البيت الواحد فإنّ فيه نوع تعقيد على الفهم. وإنّما المختار منه ما كانت ألفاظه طبقا على معانيه أو أوفى منها. فإن كانت المعاني كثيرة كان حشوا واستعمل [2] الذّهن بالغوص عليها فمنع الذّوق عن استيفاء مدركة من البلاغة. ولا يكون الشّعر سهلا إلّا إذا كانت معانيه تسابق ألفاظه إلى الذّهن. ولهذا كان شيوخنا رحمهم الله يعيبون شعر أبي بكر [3] بن خفاجة شاعر شرق الأندلس لكثرة معانيه وازدحامها في البيت الواحد كما كانوا يعيبون شعر المتنبّي والمعرّي

[1] وفي نسخة أخرى: هواء.
[2] وفي نسخة أخرى: اشتغل.
[3] قوله أبي بكر وفي نسخة أبي إسحاق إلخ.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 791
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست