responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 788
المنوال في نسجه كان فاسدا. ولا تقولنّ إنّ معرفة قوانين البلاغة كافية لذلك لأنّا نقول قوانين البلاغة إنّما هي قواعد علميّة قياسيّة تفيد جواز استعمال التّراكيب على هيئتها الخاصّة بالقياس. وهو قياس علميّ صحيح مطّرد كما هو قياس القوانين الإعرابيّة. وهذه الأساليب الّتي نحن نقرّرها ليست من القياس في شيء إنّما هي هيئة ترسخ في النّفس من تتبّع التّراكيب في شعر العرب لجريانها على اللّسان حتّى تستحكم صورتها فيستفيد بها العمل على مثالها والاحتذاء بها في كلّ تركيب من الشّعر كما قدّمنا ذلك في الكلام بإطلاق. وإنّ القوانين العلميّة من العربيّة والبيان لا يفيد تعليمه بوجه. وليس كلّ ما يصحّ في قياس كلام العرب وقوانينه العلميّة استعملوه. وإنّما المستعمل عندهم من ذلك أنحاء معروفة يطّلع عليها الحافظون لكلامهم تندرج صورتها تحت تلك القوانين القياسيّة. فإذا نظر في شعر العرب على هذا النّحو وبهذه الأساليب الذّهنيّة الّتي تصير كالقوالب كان نظرا في المستعمل من تراكيبهم لا فيما يقتضيه القياس. ولهذا قلنا إنّ المحصّل لهذه القوالب في الذّهن إنّما هو حفظ أشعار العرب وكلامهم. وهذه القوالب كما تكون في المنظوم تكون في المنثور فإنّ العرب استعملوا كلامهم في كلا الفنّين وجاءوا به مفصّلا في النّوعين. ففي الشّعر بالقطع الموزونة والقوافي المقيّدة واستقلال الكلام في كلّ قطعة وفي المنثور يعتبرون الموازنة والتّشابه بين القطع غالبا وقد يقيّدونه بالأسجاع. وقد يرسلونه وكلّ واحدة من هذه معروفة في لسان العرب. والمستعمل منها عندهم هو الّذي يبني مؤلّف الكلام عليه تأليفه ولا يعرفه إلّا من حفظ كلامهم حتّى يتجرّد في ذهنه من القوالب المعيّنة الشّخصيّة قالب كلّيّ مطلق يحذو حذوه في التّأليف كما يحذو البنّاء على القالب والنّسّاج على المنوال. فلهذا كان من تآليف الكلام منفردا عن نظر النّحويّ والبيانيّ والعروضيّ. نعم إنّ مراعاة قوانين هذه العلوم شرط فيه لا يتمّ بدونها فإذا تحصّلت هذه الصّفات كلّها في الكلام اختصّ بنوع من النّظر لطيف في هذه

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 788
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست