responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 662
وأمثال ذلك. وللنّفوس المتمحّصة للشّرّ. هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيّين: وقد يوجد لبعض المتصوّفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضا في أحوال العالم وليس معدودا من جنس السّحر وإنّما هو بالإمداد الإلهي لأنّ طريقتهم ونحلتهم من آثار النّبوة وتوابعها ولهم في المدد الإلهيّ حفظ على قدر حالهم وإيمانهم وتمسّكهم بكلمة الله [1] وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشّرّ لا يأتيها لأنّه متقيّد فيما يأتيه يذره للأمر الإلهيّ. فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحقّ وربّما سلب حاله. ولمّا كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهيّة فلذلك لا يعارضها شيء من السّحر.
وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا كيف تلقّفت ما كانوا به يأفكون وذهب سحرهم واضمحلّ كأن لم يكن. وكذلك لمّا أنزل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المعوّذتين وَمن شَرِّ النَّفَّاثاتِ في الْعُقَدِ. 113: 4 قالت عائشة رضي الله عنها: «فكان لا يقرأها على عقدة من العقد الّتي سحر فيها إلّا انحلّت» .
فالسّحر لا يثبت مع اسم الله وذكره بالهمّة الإيمانيّة وقد نقل المؤرّخون أنّ زركش [2] كاويان وهي راية كسرى كان فيها الوفق المئينيّ العدديّ منسوجا بالذّهب في أوضاع [3] فلكيّة رصدت لذلك الوفق. ووجدت الرّاية يوم قتل رستم بالقادسيّة واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم. وهو فيما تزعم أهل الطّلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب وأنّ الرّاية الّتي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا. إلّا أنّ هذه عارضها المدد الإلهيّ من إيمان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتمسّكهم بكلمة الله فانحلّ معها كلّ عقد سحريّ ولم يثبت ويطل ما كانوا يعملون. وأمّا الشّريعة فلم تفرق بين السّحر والطّلسمات وجعلته كلّه بابا واحدا محظورا. لأنّ الأفعال إنّما أباح لنا الشّارع منها ما يهمّنا في ديننا

[1] وفي النسخة الباريسية: بكلمة التوحيد.
[2] وفي النسخة الباريسية: درفش
[3] وفي النسخة الباريسية: طوالع.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست