responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 463
وجه الأرض لهذا العهد أحضر [1] من أهل الشّام والعراق ومصر. وكذا أيضا رسخت عوائد الحضارة واستحكمت بالأندلس لاتّصال الدّولة العظيمة فيها للقوط ثمّ ما أعقبها من ملك بني أميّة آلافا من السّنين وكلتا الدّولتين عظيمة فاتّصلت فيها عوائد الحضارة واستحكمت. وأمّا إفريقية والمغرب فلم يكن بها قبل الإسلام ملك ضخم إنّما قطع الإفرنجة إلى إفريقية البحر وملكوا السّاحل وكانت طاعة البربر أهل الضّاحية لهم طاعة غير مستحكمة فكانوا على قلعة وأوفاز [2] وأهل المغرب لم تجاورهم دولة وإنّما كانوا يبعثون بطاعتهم إلى القوط من وراء البحر ولمّا جاء الله بالإسلام وملك العرب إفريقية والمغرب لم يلبث فيهم ملك العرب إلّا قليلا أوّل الإسلام وكانوا لذلك العهد في طور البداوة ومن استقرّ منهم بإفريقيّة والمغرب لم يجد بهما من الحضارة ما يقلّد فيه من سلفه إذ كانوا برابر منغمسين في البداوة ثمّ انتقض برابرة المغرب الأقصى لأقرب العهود على ميسرة المطغريّ أيّام هشام بن عبد الملك ولم يراجعوا أمر العرب بعد واستقلّوا بأمر أنفسهم وإن بايعوا لإدريس فلا تعدّ دولته فيهم عربيّة لأنّ البرابر هم الّذين تولّوها ولم يكن من العرب فيها كثير عدد وبقيت إفريقية للأغالبة ومن إليهم من العرب فكان لهم من الحضارة بعض الشّيء بما حصل لهم من ترف الملك ونعيمه وكثرة عمران القيروان وورث ذلك عنهم كتامة ثمّ صنهاجة من بعدهم وذلك كلّه قليل لم يبلغ أربعمائة سنة وانصرمت دولتهم واستحالت صبغة الحضارة بما كانت غير مستحكمة وتغلّب بدو العرب الهلاليّين عليها وخرّبوها وبقي أثر خفيّ من حضارة العمران فيها وإلى هذا العهد يونس فيمن سلف له بالقلعة أو القيروان أو المهديّة سلف فتجد له من الحضارة في شئون منزله وعوائد أحواله آثارا ملتبسة بغيرها يميّزها الحضريّ البصير بها وكذا في أكثر أمصار إفريقية وليس كذلك في

[1] الأصح أن يقول: أكثر حضارة.
[2] في النسخة الباريسية: وأوفاز. وفي نسخة أخرى: قلعة وافان وفي نسخة غيرها: قلعة واوفار. وفاز جمع فازة: بناء من خرق وغيرها تبنى في العساكر.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست