نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 379
وعقلك وبصرك ولا يشغلك عنه شاغل، وإنّه رأس أمرك وملاك [1] شأنك وأوّل ما يوقفك الله عليه وليكن أوّل ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعلك المواظبة على ما فرض الله عزّ وجلّ عليك من الصّلوات الخمس والجماعة عليها بالنّاس قبلك وتوابعها على سننها من إسباغ الوضوء لها وافتتاح ذكر الله عزّ وجلّ فيها ورتّل في قراءتك وتمكّن في ركوعك وسجودك وتشهّدك ولتصرف فيه رأيك ونيّتك واحضض عليه جماعة ممّن معك وتحت يدك وادأب عليها فإنّها كما قال الله عزّ وجلّ تنهى عن الفحشاء والمنكر ثمّ اتّبع ذلك بالأخذ بسنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمثابرة على خلائقه واقتفاء أثر السّلف الصّالح من بعده، وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة الله عزّ وجلّ وتقواه وبلزوم ما أنزل الله عزّ وجلّ في كتابه من أمره ونهيه وحلاله وحرامه وائتمام ما جاءت به الآثار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قم فيه بالحقّ للَّه عزّ وجلّ ولا تميلنّ عن العدل فيما أحببت أو كرهت لقريب من النّاس أو لبعيد وآثر الفقه وأهله والدّين وحملته وكتاب الله عزّ وجلّ والعاملين به [2] فإنّ أفضل ما يتزيّن به المرء الفقه في الدّين والطّلب له والحثّ عليه والمعرفة بما يتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ فإنّه الدّليل على الخير كلّه والقائد إليه والآمر والنّاهي عن المعاصي والموبقات كلّها ومع توفيق الله عزّ وجلّ يزداد المرء معرفة وإجلالا له ودركا [3] للدّرجات العلى في المعاد مع ما في ظهوره للنّاس من التّوقير لأمرك والهيبة لسلطانك والأنسة بك والثّقة بعدلك وعليك بالاقتصاد في الأمور كلّها فليس شيء أبين نفعا ولا أخصّ أمنا ولا أجمع فضلا منه. والقصد داعية إلى الرّشد والرّشد دليل على التّوفيق والتّوفيق قائد إلى السّعادة وقوام الدّين والسّنن الهادية بالاقتصاد وكذا في دنياك كلّها. ولا تقصّر في طلب [1] ملاك: ملاك الأمر: قوامه (المنجد) . [2] صحيح العبارة ومقتضى سياق الجملة: «وآثر الفقه وأهله. والدين والعاملين به، وكتاب الله عز وجل وحملته» . [3] وصولا.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 379