نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 170
دولة وخدمها إنّما يكون لهم البيت والحسب بالرّسوخ في ولائها والأصالة في اصطناعها ويضمحلّ نسبه الأقدم من غير نسبها ويبقى ملغى لا عبرة به في أصالته ومجده وإنّما المعتبر نسبة ولائه واصطناعه إذ فيه سرّ العصبيّة الّتي بها البيت والشّرف فكان شرفه مشتقا من شرف مواليه وبناؤه من بنائهم فلم ينفعه نسب ولادته وإنّما بنى مجده نسب الولاء في الدّولة ولحمة الاصطناع فيها والتّربية وقد يكون نسبه الأوّل في لحمة عصبيّته ودولته فإذا ذهبت وصار ولاؤه واصطناعه في أخرى لم تنفعه الأولى لذهاب عصبيّتها وانتفع بالثّانية لوجودها وهذا حال بني برمك إذ المنقول أنّهم كانوا أهل بيت في الفرس من سدنة بيوت النّار عندهم ولمّا صاروا إلى ولاء بني العبّاس لم يكن بالأوّل اعتبار وإنّما كان شرفهم من حيث ولايتهم في الدّولة واصطناعهم وما سوى هذا فوهم توسوس به النّفوس الجامحة ولا حقيقة له والوجود شاهد بما قلناه «وإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ 49: 13» والله ورسوله أعلم.
الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة اباء
اعلم أنّ العالم العنصريّ بما فيه كائن فاسد لا من ذواته ولا من أحواله والمكوّنات من المعدن والنّبات وجميع الحيوانات الإنسان وغيره كائنة فاسدة بالمعاينة وكذلك ما يعرض لها من الأحوال وخصوصا الإنسانيّة فالعلوم تنشأ ثمّ تدرس وكذا الصّنائع وأمثالها والحسب من العوارض الّتي تعرض للآدميّين فهو كائن فاسد لا محالة وليس يوجد لأحد من أهل الخليقة شرف متصل في آبائه من لدن آدم إليه إلّا ما كان من ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كرامة به وحياطة على السّرّ فيه وأوّل كلّ شرف خارجيّة كما قيل، وهي الخروج عن الرّئاسة والشّرف إلى الضّعة
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 170