responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 397
وللقبائل شعار ينادون به عند العصبية، فإذا وقع على أحد من أهل يثرب اعتداء وأراد المؤازرة والنصرة، نادى: يا لَآل قَيْلة، وإذا كان من تميم نادى: يا لَتميم، وهكذا, فيهرع من يكون حاضرًا ساعة النداء لينصر صاحبه الذي هو من قومه، وليؤازره. وتعد التلبية من أهم مفاخر الرجال والقبائل وواجبًا من الواجبات[1].
ويتداعى الناس إلى العصبية في القتال, وإذا أرادوا إهاجة قومهم نادوا بالعصبية. وقد وقع خلاف بين المهاجرين والأنصار في المدينة والرسول فيها, فقال قوم: يا للأنصار, وقال قوم: يا للمهاجرين. فسمع النبي تداعيهم وصراخهم، فقال لهم: "دعوها؛ فإنها منتة"، ودعاها بـ"دعوى الجاهلية"، وفي الحديث: "ما بال دعوى الجاهلية؟ " هو قولهم: يا لفلان, كانوا يدعون بعضهم بعضًا عند الأمر الشديد[2].

[1] اللسان "6/ 81"، ابن هشام "4/ 28"، الأغاني "15/ 71"، "يا لَطيء"، شرح ديوان الحماسة "1/ 168".
[2] اللسان "دعا"، "14/ 259".
الإسلام والعصبية:
وقد تركت "العصبية" أثرا مهما في الحياة السياسية والاجتماعية عند العرب قبل الإسلام. وقد كانت إذ ذاك ضرورة من الضرورات اللازمة بالنسبة إلى الحياة في الجاهلية؛ لأنها الحائل الذي يحول بين الفرد وبين الاعتداء عليه، والرادع الذي يمنع الصعاليك والخلعاء والمستهترين بالسنن من التطاول على حقوق الناس، إذ لا حكومة قوية رادعة ولا هيئة حاكمة في استطاعتها الهيمنة على البوادي وعلى الأعراب المتنقلين. بل هنالك قبائل متناحرة وإمارات متنافرة، إذا ارتكب إنسان جريمة في أرضها، وفر إلى رض أخرى، نجا بنفسه وأمن على حياته هناك, ولكنه كان يخشى من شيء واحد، لم يكن لأحد فيه عليه سلطان، وهو "العصبية" وسنة "الأخذ بالثأر"، وهي العصبية في ثوبها العملي. كان يخشى من سلطان الأخذ بالثأر، حيث يتعقبه أهل الثأر، فلا يتركون الجاني يهنأ بالحياة ولو بعد مضي عشرات من السنين، حتى يُقتل أو يقتل أقرب الناس إليه. وبذلك صارت العصبية ضرورة من ضرورات الحياة، بالنسبة لسكان جزيرة العرب؛ لحمايتهم وصيانتهم من عبث العابثين.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست