نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 396
الحَمِيَّة:
ومن مظاهر العصبية: "الحميَّة", وهي الأنفة والغيرة والغضب، وذلك أن الشخص كان يأنف من عمل قبيح، وتأخذه حميته من أن يفعل شيئًا يعاب ويعار عليه[1]. وهو يغضب وتأخذه حميته من أن يترك سنة آبائه وأجداده, وقد نهى الإسلام عن الحمية, واعتبرها من أخلاق أهل الجاهلية والكفر. ونزل الوحي يندد بها {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [2], وذلك حين جعل "سهيل بن عمرو" في قلبه الحمية فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين الرسول والمشركين: بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يكتب فيه: محمد رسول الله, وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله مكة عامه ذلك[3], فوضع الإسلام "السكينة" في موضع حمية الجاهلية.
و"النعرة"، وهي الصياح ومناداة القوم بشعارهم طلبًا للغوث والاستعانة، أو لإهاجتهم ولتجمعهم في الحرب. ومن هنا ورد في الحديث: "ما كانت فتنة إلا نعر فيها فلان", أي: نهض فيها. وفي حديث الحسن: كلما نعر بهم ناعر اتبعوه، أي: ناهض يدعوهم إلى الفتنة ويصيح بهم إليها[4]. ولما كان العرب أصحاب حس مرهف، وعاطفة ذات حساسية شديدة؛ لذلك لعبت النعرات فيهم دورًا خطيرًا في إثارة الفتن بينهم، وكانت سببًا لحدوث حوادث مؤسفة عند الحضر وعند الأعراب.
وإذا أصيب شخص بضيم، أو نزلت به إهانة أو نازلة، نادى قومه بشعائر العصبية، وعلى قومه تلبيته ونصرته. وقد ينادي الإنسان شخصًا طالبًا منه العون والنصرة، فتلزمه مساعدته كأن ينادي: "يا لَفلان"، وهو شعار يستعمل عند التحزب والتعصب، ينادي به بصوت عالٍ مسموع، عند بيت المنادى أو في موضع عام أو في مكان مرتفع؛ ليصل الصوت إلى أبعد مكان[5]. [1] تاج العروس "10/ 99", "حمى", اللسان "18/ 216 وما بعدها". [2] سورة الفتح, رقم 48، الآية 26. [3] تفسير الطبري "26/ 65"، تفسير القرطبي "16/ 288 وما بعدها". [4] تاج العروس "3/ 577"، "نعر". [5] الروض الأنف "1/ 93 وما بعدها"، الأغاني "15/ 71", شرح ديوان الحماسة "1/ 168",
Muh. Stud., I, S., 61 Kinship. 44.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 396