responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 305
لاختلاط الدماء وامتزاجها بالعوامل التي ذكرتها، وإن ذهب البعض إلى أن جزيرة العرب كانت في عزلة عن العالم, فهذه العزلة التي يتحدثون عنها، هي عزلة لم تكن عامة ولا يمكن أن نسميها عزلة صحيحة إلا بالنسبة للقبائل المتبدية التي عاشت في صميم البوادي، غير أن تلك القبائل لم تتمكن مع ذلك من عزل نفسها عن الرقيق والأسرى الغرباء.
ثم نجد فروقًا بين العرب والأعراب، سببه اختلاف المحيط والظروف والغذاء, فالعربي ممتلئ الجسم بالقياس إلى الأعرابي الرشيق القليل اللحم، الدقيق العظم. وتظهر هذه النحافة في وجه الأعرابي أيضًا، فوجهه ممشوق قليل اللحم، دقيق ممتد, ذو ذقن بارز، وأنف دقيق، وعينين براقتين. وتعد الرشاقة في جسم العربي من محاسنه؛ لأنها تجعله معتدل القوام، خفيف الحركة، وقد مدح "امرؤ القيس" الغلام الخف، أي: الخفيف الجسم، السريع الحركة الذي ينزل عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل, أي: الثقيل الجسم السمين. وقيل: الخفيف في الجسم والخفاف في التوقد والذكاء[1], ويعد ثقل الجسم من المعيبات. ومن المجاز التخفيف ضد التثقيل والخفيف ضد الثقيل, وقد اعتبروا الثقل ذمًّا في الإنسان, فقيل: هو ثقيل على جلسائه، وهو ثقيل الظل، ويقال: مجالسة الثقيل تضني الروح، حتى ألف بعض العلماء في أخبار الثقلاء[2].
و"الربع" من الرجال، أي المتوسط القامة، النموذج الأوسط للإنسان وحد الكمال في الجسم عند العرب, ويقال له: "ربعة", و"مربوع". وقد نعت رسول الله بأنه "ربعة" من الرجال، وورد أنه كان أطول من المربوع وأقصر من المشذب[3]. والوسط عند العرب هو بين الجيد والرديء, وأوسط الشيء أفضله وخياره, ومنه الحديث: "خيار الأمور أوساطها"[4]. وقد هابت العرب أصحاب الطول في الجسم، والكبر في الرأس, واحترموا أصحاب الهيبة والتأثير في النفس، وقد ذكر بعض منهم في كتب أهل الأخبار. وقد رموا القصير

[1] تاج العروس "6/ 92 وما بعدها"، "خف".
2 "قال الراغب: الثقل في الإنسان يستعمل تارة في الذم وهو أكثر في التعارف، وتارة في المدح"، تاج العروس "7/ 245"، "ثقل".
[3] تاج العروس "5/ 338"، "ربع".
[4] تاج العروس "5/ 240 وما بعدها"، "وسط".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست