نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 291
المعنيين في حياة الأعرابية؛ بسبب اتصالهم بالأجانب وأخذهم عنهم واحتكاكهم بالحضر، الذين هم أرقى من الأعراب بكثير, فأخذوا عنهم وتعلموا منهم أشياء كثيرة, من مادية ومعنوية, سأتحدث عنها في المواضع المناسبة من أجزاء هذا الكتاب.
وقد عرفت الأرض التي تقع بين الفرات وبين بَرِّيَّة العرب بـ"العبر". قال علماء اللغة: "والعبر بالكسر: ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب"[1]؛ لأنها المعبر الذي يعبر عليه للوصول إلى البادية، أو الدخول من البادية إلى الفرات. وقد تكونت بها قرى عربية لعبت دورًا مهمًّا في تأريخ العراق لموقعها العسكري المهم، ولأنها الخط الأمامي الذي كان يواجه الأعراب الغزاة ومن كان يحكم بلاد الشام من حكام، ولكونها المنطلق الذي تنطلق منه الجيوش التي تريد غزو بلاد الشام، أو صد القوات الزاحفة على العراق من الغرب.
والبداوة هي التي أمدت العراق وبلاد الشام وسائر جزيرة العرب بالحضر، فقد كان الأعراب يأتون الحواضر وينيخون هناك، ويستقرون ثم يتحولون إلى حضر. لذلك تكون البادية المنبع الذي يغذي تلك الأرضين بالعرب الحضر. [1] تاج العروس "3/ 377"، "عبر". عُبَيَّة الجاهلية:
ولقد تحدثت في الجزء الأول من هذا الكتاب عن العقلية العربية بصفة عامة: عقلية العرب أي الحضر وعقلية الأعراب. وأعود في هذا الموضع إلى الحديث عن عقلية الأعراب وما رماهم به أهل الحضر من الغلظة والجفاء والجهالة والعنجهية والكبر, إلى غير ذلك من نعوت عرفت عند العلماء بـ"عبية الجاهلية"؛ وذلك لما لهذه العبية من صلة بهذا الموضوع في هذا المكان.
وإذا أردت الوقوف على عنجهية الجاهلية وتكبر سادات القبائل وعلى نظرتهم إلى من هم دونهم في ذلك الوقت، فخذ ما روي عن قصة وقعت لمعاوية بن أبي سفيان على ما يرويه أهل الأخبار. فقد رُوي أن الرسول أمر معاوية بإنزال "وائل بن حجر" الحضرمي منزلًا بالحرة، فمشى معه ووائل راكب وكان
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 291