نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 275
واختلطوا بالعرب، حتى صاروا طبقة خاصة منهم[1]. وذهبوا إلى أن التبابعة كانوا عربًا ينظمون الشعر بالعربية التي نظم بها الشعراء الجاهليون شعرهم, ثم ذهبوا إلى أن "حمير" كانت تتكلم بلسان غريب عده بعض العلماء غير عربي[2], مع أنها من لب العرب الصرحاء على حسب رأيهم، ولم يبينوا كيف وقع ذلك عندهم، إلى آخر ما نراه عندهم من آراء، لم تبن على دراسات تأريخية أصلية ونصوص جاهلية.
ولو كان المذكورون أحياء في هذا اليوم، ولو كانوا قد وقفوا على النصوص الجاهلية المختلفة وقرءوها لغيروا رأيهم حتمًا من غير ريب، ولقالوا قولًا آخر غير قولهم المتقدم في العربية وفي سبب تسميتها. فعربية القرآن الكريم هي عربية أهل مكة وما والاها، وهي عربية الأعراب، أي: عربية أهل البادية، أما عربية أهل اليمن، وهم صلب القحطانية، فعربية أخرى، وإن أردت قولًا أصح تعبيرًا وأدق تحديدًا، فقل: عربيات أخرى، فعربية يعرب إن تجوزت وجاريت رأي أهل الأنساب والأخبار وقلت قولهم في وجود جد وهو يعرب، يجب أن تكون عربية أخرى، بل عربيات مخالفة لعربية أهل مكة، وذلك استنادًا إلى النصوص الجاهلية المدونة بأقلام أبنائه وحفدته والواصلة إلينا. ولما كانت اللغة العربية، هي عربية القرآن الكريم في رأي علماء اللغة، وهي عندهم وحدها اللغة الفصحى، وأشرف لغات العرب، إذن فلغة يعرب على هذا القياس لغة أعجمية غير عربية, أو عربية من الدرجات الدنيا إن أردنا التساهل في القول. وعندئذ يكون يعرب هو العربي المتعرب، ويكون نسله على وفق هذا المنطق، هم العرب المستعربة، لا العرب العدنانيين.
ويكون العدنانيون هم أصل العرب ولبّها والعرب العاربة الأولى، أي عكس ما يراه ويزعمه أهل الأخبار. أحكي هذا القول بالطبع متجوزًا أو مجاريًا رأي أهل الأخبار ولا أحكيه لأني أراه، فأنا لست من المؤمنين بمثل هذه الأقاصيص التي يقصها علينا القصاص، ولا سيما قصاص أهل اليمن من أمثال وهب بن منبه وابن أخته، أو ابن الكلبي، وبعض القصاص الذين هم من أصل يهودي [1] تاج العروس "1/ 371"، "عرب". [2] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام "1/ 15 وما بعدها".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 7 صفحه : 275