responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 2  صفحه : 195
إليه من مواد وتبيع لها ما عندها من سلع خام أو من سلع تستوردها من السواحل الإفريقية أو الهند، وأنها لم تكن في يوم من الأيام بمعزل عن بقية العالم.
والعراق وبلاد الشام، أي: الأرضون التي يقال لها "الهلال الخصيب" في الزمان الحاضر، هي من الناحية الطبيعية وحدة لا يُستطاع فصلها عن جزيرة العرب، وامتداد طبيعي لها[1]. وليست البادية الواسعة التي تملأ باطن الهلال إلا جزءًا من جزيرة العرب، وامتدادًا لها، لا يفصلها عنها فاصل، ولا يحد بينها حد، وإذا ما تنقلت من بادية الشام إلى بوادي المملكة العربية السعودية، فلا تجد أمامك شيئًا يشعرك بوجود فروق بين طبيعة هذه الأرضين الواسعة، أو وجود حواجز تمنع سكانها من الهجرة نحو الشمال أو إلى الجنوب[2]؛ ولهذا كان من الطبيعي تنقل الناس في هذين الأرضين منذ وجدوا فيها وظهروا عليها بكل حرية، وبحسب الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وتأريخ ظهور العرب في بادية الشام وفي أطراف الهلال الخصيب تأريخ قديم جدًّا، ولكننا لا نستطيع تحديد مبدئه، ولا تثبيته؛ لأننا لا نملك أدلة علمية تعينه وتحدده. ثم إن كلمة "العرب" لم تكن تعني عند الشعوب التي عاشت قبل الميلاد غير معنى "أعراب"، وكانت إذا ما ذكرت لفظة "عرب" تقصد البدو على نحو ما ذكرت في الفصل الأول في تحديد معنى هذه اللفظة. أما العرب المستقرون، أو شبه الحضر، فقد عرفوا عندهم بأسمائهم؛ ولهذا اشتبه أمرهم علينا، وعسر على العلماء تعيين هوياتهم؛ لعدم نص الكتابات أو الكتب القديمة على أنهم عرب بمعنى جنس للسبب المذكور, فصرنا في حيرة من أمرهم، وفي التوراة أسماء قبائل كثيرة، نسبت إلى آباء وأجداد، يجب أن تعد من العرب، ولكن التوراة لم تطلق عليها لفظة "عرب"؛ لأنها لم تكن قبائل بدوية وليست اللفظة فيها إلا بهذا المعنى، فحار العلماء في تعيين أصل كثير منها، وما زالت حيرتهم هذه حتى اليوم. وليس من المستبعد أن يكون بين الشعوب القديمة شعوب عربية، إلا أنها لم تعد من العرب؛ لأن اللفظة لم تكن علمًا على جنس قبل الميلاد.

[1] الهلال الخصيب "Fertie Crescent" اصطلاح أطلقه "برستيد" "H.Brested" لأول مرة بهذا المعنى، على القوس المتكون من العراق وبلاد الشام.
[2] franz stuhlmann. Der kampf um arabien, s. i
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 2  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست