نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 304
كسرى، فكان تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هؤلاء[1].
و"الحبل" العهد والذمة والإيمان، يقال كانت بينهم حبال فقطعوها، أي عهود وذمم. وذلك أن العرب كانت تخيف بعضها بعضًا فكان الرجل إذا أراد سفرًا أخذ عهدًا من سيد قبيلة فيأمن بذلك ما دام في حدودها حتى ينتهي إلى أخرى فيأمن بذلك[2]. والحبل الحلف أيضًا والعصم[3]. فالحلف بمعنى العهد بين القوم والمعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق. وقد كانت الأحلاف كما سبق أن تحدثت عنها من أهم سمات الجاهلية، وقد نهي عنها في الإسلام، لما كانت توقعه من أضرار في المجتمع بسبب التكتلات والتحزبات والعصبية التي تؤدي إلى القتال. فورد: لا حلف في الإسلام وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه الرسول: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة". يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق. وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام[4].
وكانت للعرب تعابير ومصطلحات في إعطاء العهد والأمان، ومنها مصطلح: "لا بأس". والبأس العذاب والشدة والخوف، وإن قال الرجل لعدوه لا بأس عليك، فقد أمنه؛ لأنه نفى البأس عنه. وهو في لغة "حمير" "لبات"[5].
وبفضل اتباع سياسة تأليف قلوب القبائل، بإشراك ساداتها في تجارة قريش، أو إعطاء سادتها جعالة مرور، أو هدايا، أو بالتصاهر معها، أو بإكراء إبلها لنقل تجارة قريش، تمكنت قريش من تأليف قلوب سادات القبائل، فأمنت على نفسها، وصارت قوافلها تخرج في أي وقت شاءت من أوقات السنة في الشهور [1] تاج العروس "6/ 44"، "ألف". [2] تاج العروس "1/ 269 وما بعدها"، "حبل". [3] ابن سعد، الطبقات "1/ 75 وما بعدها"، المحبر "162"، الطبري "2/ 12"، Kister, P.126. [4] تاج العروس "6/ 75"، "حلف". [5] قال شاعرهم:
تنادوا عند غدرهم لبات ... وقد بردت معاذر ذي رعين
تاج العروس "4/ 104"، "بؤس"، "1/ 580"، "لبت"، اللسان "6/ 20 وما بعدها"، "بؤس".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 304