نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 293
والأدم، هي في رأس قائمة السلع التي كان يحملها أهل مكة إلى بلاد الشأم، كانوا يجمعونه من اليمن ومن الطائف ويحملونه إلى بلاد الشأم والعراق. ومنه ما كان معمولًا مصقولًا معتنى به، زخرف بالذهب، لذلك عرف بـ"المذاهب". و"المذاهب" الجلود المذهبة[1]. وهي من أرقى الجلود وأغلاها، يشتريها الأغنياء لاستعمالها في الأشياء الغالية الثمينة.
وتعد اليمن من أهم الأماكن المصدرة لجلود البقر في جزيرة العرب، وقد كانت تحمل إلى مكة وإلى مواضع أخرى لبيعها في أسواقها منها البصرة في الإسلام، حيث كان التجار يحملون جلود البقر من اليمن إليها[2]. واشتهرت أيضًا بعطورها لجودتها. روي أن "عبد الله بن أبي ربيعة" كان يبعث بعطر اليمن من اليمن إلى أمه "أسماء بنت مخربة"، أم "أبي جهل"، فكانت تبيعه إلى الأعطية، وكانت تضع العطور في قوارير، وتزنها، فتبيع نقدًا، أو دينًا. فإذا باعت دينًا كتبت مقدار الدين في كتاب[3]. ولعل شهرة مكة بعطورها، إنما جاءتها من العطور المستوردة التي تأتي إليها من اليمن ومن أماكن أخرى.
وكان الزيت على رأس السلع التي كان يشتريها أهل مكة وتجار يثرب من بلاد الشأم، لصفائه ولنقاوته وجودته، وكان "دحية بن خليفة الكلبي" يتجر مع بلاد الشأم بالزيت والطعام، وصادف رجوعه من الشأم وقت صلاة الجمعة، والرسول يخطب، فلما سمع المصلون خلف الرسول صوت أجراس القافلة جعلوا يتسللون إليها، خشية أن يسبقوا إليها، فتباع، حتى بقيت منهم عصابة اثني عشر رجلًا وامرأة. فوبخهم الله بالآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [4]. [1] تاج العروس "1/ 258"، "ذهب". [2] قال الشاعر:
والله للنوم بجرعاء الحفر ... أهون من عكم الجلود بالسحر
بلا العرب "ص308". [3] ابن سعد، طبقات "8/ 220"، الواقدي، مغازي "65". [4] الجمعة، الآية 9، تفسير الطبري "28/ 66 وما بعدها"، تفسير ابن كثير "4/ 366 وما بعدها"، الواحدي أسباب النزول "320"، مسند الإمام أبي حنيفة "73 وما بعدها".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 293