responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 288
يخرجون إلى خارج مكة بأمان بفضل العقود والعهود التي عقدوها مع سادات الأعراب، وهي أهم في نظري من أي عقد آخر عقدوه مع حكام العراق وبلاد الشأم أو اليمن، إذ كان في استطاعة الأعراب نهب قوافل مكة وسلب أموالها، وهي ذاهبة أو آيبة محملة، فلا يستطيع أهل مكة فعل شيء، ولا تبقى أية فائدة عندئذ لعقود الإيلاف المعقودة مع الحكام المذكورين. وقد علم سادة مكة ذلك، فتعاقدوا مع سادات الأعراب، وأدو لهم نصيبًا من الربح، وبذلك أمنوا جانب أعرابهم، فكانوا إذا تحرش بهم متحرش، أدبه سادة قبيلته، واستعادوا منه ما أخذه من نهب وسلب.
وقوم هم أهل قرار، لهم بيت مقدس، ولهم تجارة، لا يفكرون في غزو، ولا يرتاحون من وجود أهل شغب وفتن بينهم. فالغزو سواء أكان منهم أو كان عليهم مضر بهم. ولا يعود عليهم بفائدة، بل هو يبعد القاصدين لهم عنهم، وفي ابتعادهم عنهم خسارة ثم هو يعرقل تجارتهم ويحول دون اتجارهم، والتجارة مورد رزقهم وعليها معاشهم. وقريش من المستقرين، ومن التجار، ولهم معبد، فكان من صالحهم إشاعة الأمن والابتعاد عن التشاحن وفض كل خلاف يقع فيما بينهم، أو فيما بينهم وبين غيرهم بالتي هي أحسن، وجر الناس إليهم، والعمل على اكتساب صداقة أهل الحضر وأهل الوبر أيضًا، وعلى إنصاف الغريب الذي قد لا يجد له مجيرًا من بين أهل مكة فيظلم، وعلى تقديم الرفادة للحجاج الضعفاء، وإسقائهم الزبيب المنبوذ بالماء في أيام الحج، وعلى شراء الألسنة، ألسنة الشعراء خاصة، لما كان لها من أثر في النفوس.
وللمنافع المادية التي كانوا يحصلون عليها من تآلفهم مع القبائل، حرصوا على ألا يؤذي أحد منهم أحدًا من الغرباء، فيثير قوم الغريب عليهم، لا سيما إذا كان ذلك الغريب من قبيلة تمر تجارة قريش بها، فلما عذب أهل "مكة" "أبا ذر الغفاري"، أقبل "العباس" عليهم، وقال: "ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام؟. فأنقذه منهم"[1]. فزهد قريش وعدم ميلهم إلى الاعتداء على الغرباء، لم يكن كما رأى "الجاحظ" عن "تحمس" وعن دين، وإنما كان عن طمع في المال وفي الكسب وفي الحصول على كسب

[1] الإصابة "4/ 64"، "رقم 382".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست