responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 287
على اختلافهم من أحرار وعبيد وموالي يقاتلون قتال الباسل المستميت مع اختلاف أنسابهم وبلدانهم، و"في هذا ليل على أن الذي سوى بينهم التدين بالقتال"، وأن استبسال قريش والخوارج وغيرهم من المتدينين "إنما هو بسبب الديانة"[1] ووحدة العقيدة وعامل الدفاع عنها والجهاد في سبيلها.
وقد نسب "الجاحظ" ميل قريش إلى التجارة واشتغالهم بها إلى تحمسهم في دينهم وتشددهم في الدين، فقال: "وقريش من بين جميع العرب دانوا بالتحمس والتشديد في الدين فتركوا الغزو كراهة للسبي واستحلال الأموال واستحسان الغصوب، فلما تركوا الغزو لم تبق مكسبة سوى التجارة فضربوا في البلاد إلى قيصر بالروم وإلى النجاشي بالحبشة وإلى المقوقس بمصر، وصاروا بأجمعهم تجارًا خلطاء"[2].
فتحمس قريش في دينهم، حملهم على ترك الغزو، وترك الغزو حملهم على التكسب بالتجارة، فاتجار قريش في مكة وضربهم في الآفاق، هو بسبب البحث عن رزق يعوضهم عن رزق الغزو، الذي أبعده الدين عن قلوبهم، فكان ما كان من أمر تجارتهم. هذا هو رأي الجاحظ في السبب الذي حمل قريشًا على الانصراف إلى التجارة.
وفي القرآن: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [3]. فمكة بلد بواد قفر غير ذي زرع ولا ماء، ليس لأهلها ما لسكان الأرياف والقرى التي تملك المياه والأنهار من ثمرات النبات والأشجار، فصارت الطائف مصيفًا لهم، وموردًا يمدهم بثمر النبات والأشجار[4]، واستغل أهلها فقر واديهم، وموقع مدينتهم الذي تمر به القوافل، وشجعوا من كان يسكن حولهم على الحج إلى معبدهم وعلى قصده أيام السنة وموسم الحج، فاستفادوا من الحجاج. وعلوا الموسم سوقًا يتعاطون فيه البيع والشراء، فربحوا وصار لهم مال استثمروه وشغلوه، في سوق مكة وفي الأسواق الأخرى، وتعاملوا مع الأعراب، وعقدوا الإيلاف مع ساداتهم ومع الفرس والروم والحبش، فصاروا

[1] كتاب البلدان "472".
[2] كتاب البلدان "472".
[3] إبراهيم، الرقم 14، الآية 37، تفسير الطبري "13/ 152".
[4] تفسير الطبري "13/ 155".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست