نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 281
تقع في انبراطورية الروم، فيزيدون من نشاطهم في البحر، ويمنعون في مطاردة التجار البيزنطيين في البحر العربي وفي الخليج وفي الهند، حتى قل عدد سفن الروم، في المحيط، واكتفت بالوصول إلى باب المندب والسواحل الإفريقية في بعض الأحيان، عند اشتداد الأزمات، ووقوع قلاقل داخلية، أو نزول كوارث بالروم في الحروب.
وقد وجد الساسانيون أن من الأصلح لهم نقل التجارة الآتية التي تجارهم من الصين والهند وسيلان إلى الخليج حيث لا يزاحمهم أحد، ومنه إلى العراق، أو من الهند والصين إلى فارس، ثم العراق ومنه إلى "نصيبين"، أو إلى بلاد الشأم، لبيعها إلى البيزنطيين، وفي جملة مواد هذه التجارة "الحرير" الذي كان مطلوبًا عند البيزنطيين؛ لأنه من الألبسة الفاخرة بالنسبة للطبقة الحاكمة ولرجال الكنيسة وللطبقة المترفة المرفهة، فكان يباع بأغلى الأثمان[1].
وقد دخل الأحباش البحر، فكانوا يسيرون سفنهم بين السواحل الإفريقية والسواحل العربية الغربية والجنوبية. ولو لم تكن لهم قوة بحرية ما تمكنوا من الاستيلاء على اليمن وعلى مواضع من العربية الجنوبية جملة مرات. آخرها فتحهم اليمن سنة "525" للميلاد. وقد تولت سفنهم نقل حاصلات الحبشة والسواحل الإفريقية إلى بلاد العرب، وكان التجار العرب ينقلون هذه السلع إلى بلاد الشأم أو العراق. وقد ذكر أهل الأخبار أن "الجار"، وهي مدينة على ساحل بحر القلزم بينها وبين المدينة يوم وليلة وبينها وبين أيلة نحو من عشر مراحل، وإلى ساحل الجحفة نحو ثلاث مراحل، كانت فرضة، ترفأ إليها السفن من الحبشة ومصر وعدن والصين وسائر بلاد الهند، وبحذاء الجار جزيرة في البحر تكون ميلًا في ميل لا يعبر إليها إلا بالسفن، وهي مرسى الحبشة خاصة[2].
ولكن قوة الحبشة البحرية لم تكن قوة قوية ضخمة، ولم تكن مكونة من سفن كبيرة ذات مرونة وقابلية على الحركة، بل كانت سفنًا صغيرة لا تضاهي السفن اليونانية في الضخامة وفي الفن. ولم تكن كثيرة العدد، ولا سيما في الجاهلية القريبة من الإسلام، بدليل ما ورد في بعض الروايات من أن السفن التي حملت [1] Runciman, Byzantine Civilization, P.164. [2] البلدان "3/ 35".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 281