نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 279
"بطلميوس" "في حوالي 150-160 للميلاد" لم ترد في كتب المؤلفين السابقين الذين عاشوا قبل هذا الجغرافي اليوناني الشهير. وفي جملة ما ذكره هذا الجغرافي أسماء مواضع عديدة في جزيرة العرب، لم يشر إليها المؤلفون اليونان والرومان السابقون، وأوصاف أدق وأصدق من الأوصاف التي ذكروها، وفي ذلك دلالة على زيادة علم اليونانيين والرومان في هذه الأيام بأحوال الشرق نتيجة زيادة اختلاطهم واتصالهم بالشرقيين.
ومعارفنا بأخبار الملاحة في البحر الأحمر وفي المحيط الهندي في العهد البيزنطي، أي العهد الذي أصبحت فيه القسطنطينية فيه عاصمة بدلًا من روما "330م"، قليلة ضحلة؛ لأن أكثر المؤرخين الذين عاشوا في هذه الحقبة ثم ما بعدها إلى ظهور الإسلام إنما اهتموا بالأمور الدينية، وكانوا إذا ما تطرقوا إلى النواحي الجغرفاية أو التاريخية المعاصرة للبلاد الخارجة عن نطاق الانبراطورية البيزنطية أو نفوذها السياسي، أوجزوا القول إيجازًا لا يعطي القارئ رأيًا في الأحوال العامة وفي ضمنها التجارة والملاحة في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
لقد أثرت الأوضاع السياسية القلقة التي حدثت في الدولة البيزنطية، والحروب المتوالية بين الساسانيين والبيزنطيين، أثرًا خطيرًا على البحرية البيزنطية في البحر الأحمر وفي المحيط الهندي، إذ حدت من توسعها، وقلصت من عدد سفنها، ولم تجد بسبب انشغال الحكومة في تلك الحروب عناية ورعاية، ولهذا اقتصر نشاطها على البحر الأحمر وعلى السواحل الإفريقية التي كانت على صلات حسنة بالبيزنطيين. فكانت تصل إلى ميناء "أدولس"، ومنه يصل التجار إلى أسواق الحبشة الداخلية، أو إلى مواني "سقطرى"، وقد كان بها مستوطنون يونانيون، أقاموا فيها منذ أمد طويل، وبنوا بها كنائس ومستوطنات للإقامة فيها، وظل بعضهم بها إلى أيام الإسلام.
وكانت السفن اليونانية تمون نفسها بما تجده في "ادولس" وفي "سقطرى" من تجارات، بعضها من نفائس تجارة الهند جاءت بها السفن الساسانية إلى هذه المواضع، فيشتريها التجار اليونان ويأخذونها إلى بلادهم.
ويذكر أهم الأخبار أن "سقطرى" كانت مركزًا هامًّا من مراكز التجارة في البحر، وكان بها قوم من اليونان يحفظون أنسابهم محافظة شديدة. وقد كانوا بها
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 279