نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 269
ذلك أن الذين خبروا البحر وعركوه من بعده أضافوا ما استفادوه من فنه ومن علم من تقدم عليه علمًا آخر مكن البحارة البطالسة ثم الرومان الذين جاؤوا من بعدهم فحكموا مصر، ثم اليونان من السيادة على البحار ومن انتزاع المغانم من التجار العرب ومن غيرهم ومن إلحاق ضرر بالغ بهم، وبذلك وضعوا لمن جاء بعدهم من دول أوروبة خطط السيطرة على البحار وعلى العالم القديم.
ويعد القيصر الروماني "أغسطس قيصر" من أهم القياصرة الذين وجهوا أنظارهم نحو الشرق، ونستطيع أن نقول أنه خليفة "الإسكندر الأول" في هذا الباب، ومن أستاتذة "نابليون" في خططه العسكرية الرامية إلى السيطرة على الشرق، لقد نوى الاستيلاء على بلاد العرب، وربما على ما وراء بلاد العرب من أرضين، وكانت غايته من هذه النية –كما قال سترابو- "إما أن يسترضي العرب، وإما أن يخضعهم، كما أنه فعلت في نفسه الروايات الشائعة منذ القدم أن العرب قوم واسعوا الثراء، وأنهم يستبدلون الفضة والذهب بعطرهم وحجارتهم الكريمة، دون أن ينفقوا مع الغرباء ما يحصلون عليه في مقايضاتهم التجارية. فأمل أحد أمرين: إما أن يحصل على أصدقاء موسرين، وإما أن يتغلب على أعداء موسرين"[1].
وإذا كان "أغسطس" قد أخفق في تحقيق مشروعه في احتلال جزيرة العرب، فإنه لم يهمل ناحية الاستفادة من البحار، فشجع الملاحين وزاد عدد السفن الذاهبة إلى الهند، وقد كان عددها لا يزيد على عشرين سفينة في السنة الواحدة قبل أيامه، فارتفع عدد ما يصل إلى الهند منها إلى ما لا يقل عن "120"، سفينة في السنة الواحدة[2]. وقد أقام اليونان والرومان معبدًا في موضع "Mauziris" على ساحل الـ"مالابار" في أيام "أغسطس"، ووجود هذا المعبد في هذا الموضع دليل على المدى الذي وصل إليه التجار اليونان والرومان في بلاد آسية، وعلى مقدار تشجيع القيصر لأولئك التجار[3].
وبدلًا من أن ينتظر التاجر الروماني أو اليوناني البضائع الثمينة، تأتي إليه إلى أسواق مصر أو بلاد الشأم محملة بسفن عربية أو على ظهور جمال القوافل كما كان [1] الصفحة "264"، من المجلد الثاني من مجلة المجمع العلمي العراقي لسنة "1952م". [2] حوراني "ص75"، Strabok, 17, I, 13. [3] حوراني "ص75".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 269