نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 230
الفائضة عليها. وقد اتبع الجاهليون هذه الطريقة، فكانوا يبادلون الجلود بسلع أخرى، ويبادلون التمر بالحنطة[1]. وقد اتبع الجاهليون طريقة التعامل بالذهب والفضة وزنًا كذلك، كما تعاملوا بالنقود.
ويتبين لنا من دراسة كتب التفسير والحديث وكتب الأدب والأخبار والسير أنه كان لأهل مكة عرف وضعوه في أصول التجارة يمكن أن نسميه "قانون التجارة" بالنسبة لأهل تلك المدينة، تكون من تجاربهم في الاتجار ومن تعاملهم بعضهم مع بعض، ومن تجاربهم وتعاملهم مع الخارج، مثل تعاملهم مع الفرس والروم والحبش، حيث أخذوا من هؤلاء الأعاجم النظم والقواعد التجارية التي كانوا يسيرون عليها والتي لم تكن معروفة عند أهل مكة، بسبب اختلاف المحيط وطريقة التعامل التجاري بين الدول. فتجار مكة وأصحاب المال، هم الذين وضعوا أصول التعامل في التجارة فيما بينهم، وهم الذين كونوا بأنفسهم قوانينهم، إذ لا حكومة منظمة لهم تضع التشريع وتقوم بالتنفيذ على نحو ما كان في العربية الجنوبية أو عند الفرس أو الروم.
ويتبين لنا من دراسة الموارد المذكورة كذلك، أن أهل مكة كانوا خبراء في أصول تنمية الأموال وفي كيفية استثمارها واستغلالها، فكانت لهم مرابحات وكانت لهم شراكات وتعامل ومراسلات مع غيرهم من أصحاب المال في مختلف أنحاء جزيرة العرب، وكان لهم ربا، للحاجة، أي للشدة والعسر والضيق. أو للتعامل بالمال المقترض بالربا لإنمائه في مشاريع اقتصادية تعود بالفائدة على المقترض أكثر من فائدة الربا التي يدفعها للمرابي، حتى ظهر في مكة أناس كانوا يعدون من كبار الأغنياء بالنسبة لأهل تلك المدينة وبالنسبة لجزيرة العرب في ذلك الوقت.
وفي المسند ألفاظ كثيرة ذات معاني تجارية تتعلق بالبيع والشراء والامتلاك والعقود وهي دليل على أن العرب الجنوبيين كانوا قومًا تجارًا يجنون من التجارة أرباحًا طائلة، ويعيش الكثير منهم عليها. فكانوا يبيعون ويشترون ويصدرون ويستوردون في الداخل والخارج، يقصدون الأسواق الشهيرة القريبة منهم، كما يقيمون الأسواق في بلادهم في المواسم أو في أيام معينة من الأسبوع للبيع والشراء، ولسد حاجاتهم [1] تقويم البلدان "99".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 230