نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 138
يؤجرونها أو يؤجرون أجزاءً منها إلى حاشيتهم أو أتباعهم في مقابل جعل يدفع لهم. فيكون دخلهم من هذه الأرض المؤجرة من العوائد التي اتفقوا على استحصالها من المستأجرين الثانويين ومن صغار الفلاحين.
وقد كان الفلاح مغبونًا في الأكثر؛ لأنه بحكم فقره واضطراره إلى استئجار الأرض بشروط صعبة في الغالب، مضطر إلى الاستدانة في أغلب الأحيان، لضمان معيشته في مقابل تعهده بدفع ما استدانه في آخر موسم الحصاد وقطف الثمر فإذا حل الأجل، اضطر إلى دفع ديونه وما ترتب عليها من ربا فاحش، وما عليه من حق للحكومة ولصاحب الأرض، فلا يتبقى لديه ما يكفيه في عامه الجديد، فيضطر إلى تجديد الاستدانة، والغالب أن أصحاب الأرض هم الذين يقومون بتقديم الديون إلى الفلاحين، لربطهم طول حياتهم بالأرض، فلا يتمكن الفلاح من الهروب منها بسبب ثقل ما عليه من الديون، ووجوب دفعها مع فائضها كاملة إنْ أراد تركها، وهو حل لا يتمكن من تنفيذه، فيظل لذلك مرتبطًا مع عائلته بأرض المالك صاحب الديون.
وكانت حكومة سبأ تستغل أرضها الخاضعة للخزينة العامة، أي "أرض السلطان"، إما بإدارتها نفسها وباستغلالها بتشغيل المزارعين بها على حساب الدولة، وإما ببيعها، وإما بتأجيرها في مقابل "أجر" يقال له "اثوبت" في لغتهم[1].
وامتلكت المعابد أرضين واسعة شاسعة، استغلتها باسم الآلهة، ودرت عليهم أرباحًا كثيرة. وهي أرضين سجلت باسمها منذ نشأت المعابد وظهرت، فارتبطت بها، وصارت وقفًا عليها. منها ما سجل في عهد "المكربين" أي حكومات رجال الدين في العربية الجنوبية، يوم كان "المكرب" هو رجل الدين والحاكم الدنيوي، فكانت نظرتهم أن الأرض وما عليها ملك للآلهة، ورجال الدين الحكام هم خلفاء الآلهة على الأرض، وهم وحدهم لهم حق الحكم والفصل بين البشر، وما يقرونه حق، وما يخالفونه ويحرمونه فهو باطل. وهم الذين يفصلون بين الحرام وبين الحلال، ويقررون ما يوافق حكم الآلهة وما يخالفه. فهم حكام الشرع والقانون. [1] Glaser 904, Haevy 51, 1571, Handbudh, I, S. 137. Rhodokanakis, Katab. Texte, I, S. 70.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 138