responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 72
فبينما نجد شعره المنسوب إليه في المدح أو في الرثاء أو في الأغراض الأخرى مما ليس لها صلة مباشرة بالدين، في ديباجة جاهلية على نسق الشعر المنسوب إلى شعراء الجاهلية، نجد القسم الديني منه والحكمي في أسلوب يجعله قريبا من شعر الفقهاء والصوفيين المتزمتين، ونساك الصارى، فهو بعيد جدًّا من أسلوب الجاهليين، حتى أسلوب مثل "عدي بن زيد" العبادي والأعضى وبقية من نسب إلى النصرانية من شعراء الجاهلية القريبين من الإسلام[1]. يضاف إلى ذلك ما ذكره الرواة وأهل الأخبار من نشبة بعض ذلك الشعر إلى غيره من الشعراء.
وقد يقال إن أسلوب "أمية" في نظم الشعر الديني والحكمي، هو أسلوب صحيح لا يمكن إلا أن يكون على هذا الحال، هو أسلوب بعيد عن أسلوب الجاهليين في النظم، لأن الشعر الجاهلي المعروف نظم في أغراض أخرى لا صلة لها بالحكم وبالدين، وما جاء منه إلينا في الحكم وفي الدين هو على أسلوب آخر أيضًا، بدليل أن بعض الشعراء منهم حين نظموا في الحكم، رق شعرهم وبان عن نظمهم المألوف. وبدليل أن نظم "حسان بن ثابت" في الإسلام، هو دون نظمه في الجاهلية من حيث الجزالة والفخامة في النظم، وأن شعر "لبيد" في الإسلام، هو دون ما نظمه في الجاهلية، بسبب تغير الظروف واختلاف الموضوع. وهو اعتذار صحيح، ولكن أسلوب أمية في تعبيره عن الجنة والنار والبعث والحساب، أسلوب آخر، لا يفصح عن عقلية دينية جاهلية، وإنما عن عقلية إسلامية. ومن هنا جاء شكنا في صحة هذا الشعر وفي اصالته، وليس من أسلوب النظم.
ولكن من الذي وضع هذا الشعر، ثم أنكره على نفسه وأسنده إلى أمية؟ ومن الذي رضع شعر أمية بأبيات من وزنه وقافيته، ولكنها أبيات إسلامية؟ ومن كان أول من جمع شعر ذلك الشاعر في ديوان نسبه إليه؟ هذه أسئلة يجب أن توجد لها أجوبة، ولكن أجوبتها كتاب يؤلف في حياة هذا الشاعر وفي شعره وديوانه، عندئذ يكون هناك مجال للتنقيب عن هذه الأمور، روي أن الحجاج قال، وهو على المنبر: "ذهب قوم يعرفون شعر أمية"[2]. فهل ذهب العالمون

[1] Ency IV p 998
[2] الأغاني "4/ 123".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 12  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست