responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 207
وهياكل، تكشف القناع عن ذلك العالم الحي، الذي عاش في هذه البقاع قبل آلاف السنين.
وإذا كان الجمل، هو رمز جزيرة العرب، لالتصاقه بها؛ فإن النخيل هي رمز آخر لها، وكناية عن أهم حاصل ومنتوج زراعي تصدره تلك البلاد، ولهذا صارت رمزًا لها. وصار "التمر"، عند كثير من المسلمين من أهم ما يتناولونه في شهر رمضان للإفطار به؛ لأنه رمز الإسلام ورمز المدينة التي عاش وتوفي فيها الرسول.
وكما أفاد الجمل أهله الفوائد المذكورة المعلومة، من ناحية حمله ولحمه وجلده ووبره، كذلك أفادت النخلة سكان جزيرة العرب فوائد عديدة، حية وميتة، أفادتهم في تقديم ثمرة صارت إدامًا للعرب، وطبًّا يستطبُّون بها لمعالجة عدد من الأمراض. ومادة استخرجوا منا دبسًا وخمرًا وشرابًا، وأفادهم كل جزء من أجزائها، حتى أنهم لم يتركوا شيئًا من النخلة يذهب عبثًا. فهي إذن رمز الخير والبركة بكل جدارة وحق لأهل جزيرة العرب، لا يدانيها في ذلك أي نوع من أنواع النباتات النامية في هذه البلاد.
وكائن له هذه الفوائد والمنفعة، ينمو ويثمر بسهولة ويسر، لا بد أن يثمن ويقدر، ويميز على غيره. ولهذا صارت النخلة سيدة الشجر، لا عند العرب وحدهم بل عند قدماء الساميين أيضًا، وأحيطت عندهم بهالة من التقديس والتعظيم[1]. وزخرفت معابدهم بصورها واستعمل سعفها الأخضر في استقبال الأعياد والأبطال والملوك وكبار الضيوف؛ لأنه علامة على اليُمن والبركة والسعادة والفرح. ولا يزال السعف زينة تزين بها الشوارع في المناسبات العامة المهمة حتى اليوم. وقد عثر على صورها وصور سعفها على النقود القديمة وفي جملتها نقود العبرانيين الذين يحترمون النخلة احترامًا لا يقل عن احترام العرب لها، ولهذا ورد ذكرها في مواضع عديدة من التوراة والتلمود[2].
والنخيل، هي مثل الجمال ثروة ورأس مال يَدِرّ على صاحبه ربحًا وافرًا. ومن كان له نخل وافر كان غنيًّا ثريًّا. وقد ربح يهود الحجاز أرباحًا طائلة من

[1] hastings, p, 675.
[2] اللاويون، 23، 40، نحميا، 8، 15، المكابيون الأول، 13، 51، hastings, p,, 675.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست