نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 529
وتميزت عمارة القصر الصغير ببناء صفة ذات أساطين تعقب المدخل وتقوم أساطينها الخشبية المرتفعة فوق قواعد حجرية شكلت بعض وجوهها على هيئات الأسود، وشكل بعضها الآخر بما يشبه هيئة الآنية "المصمتة" المزخرفة المنبعجة الجوانب. وكان الآشوريون قد استعاروا أسلوب الصفة وأساطينها ذات القواعد المشكلة من مباني جيرانهم الغربيين واحتفظوا لها باسمها الشائع في شمال سوريا، وهو "بيت خيلاني" ويبدو أن الصفة السورية كانت مجرد تقليد لأصل حيثي، بحيث رأى بعض الآثاريين أن الصفة الآشورية كانت أقرب إلى الأصل الحيثي منها إلى التقليد السوري، وأنها استخدمت كالصفة الحيثية جزءًا من بهو المدخل، بينما كانت تعتبر في سوريا بناية مستقلة بذاتها[1].
عبر الفن التسجيلي الآشوري عن وجوه عدة من الحياة الحربية والاجتماعية والدينية في عصره، فضلًا عن دلالته الذاتية عن تطور الأساليب والمهارات الفنية عند أصحابه. ووجد هذا الفن مجالاته الرحبة على السطوح المعتادة القديمة مثل سطوح النصب، والجدران المكسورة بالخزف، والأخشاب المصفحة برقائق معدنية، وعلى الأختام وقواعد التماثيل والعروش، فضلًا عن سطوح جديدة على أعمدة تشبه هيئة المسلات وعلى الأفاريز الحجرية لجدران القصور والمعابد وكانت ترتفع إلى نحو سبعة أقدام. وظل هدف الفن على هذه السطوح كلها أكثر احتفالًا بإشباع شهوة الغلبة وحب الزهو والتعاظم عند الملوك، فصورهم يقودون الجيوش ويتقبلون خضوع زعماء خصومهم ويفتكون ببعضهم أو يشهدون التمثيل بهم. وصور ربهم آشور يشاركهم القتال ويصوب سهامه من قرصه المجنح. وصور المشاة والخيالة وفرسان العربات ذات العجلات الغليظة التي يستقلها اثنان أو ثلاثة "ويصحب الملك فيه عادة سائق وتابع مسلح" وصور تحركات الجيوش في ساعات الكر والفر وعمليات مهاجمة الأسوار بالمدببات والسهام والفئوس والعمد الطويلة. وصور هدم المدن وتحريقها، وراحة الجنود في معسكراتهم. كما صور ذلة الأسارة وتهجير المدنيين. وحرص على أن يجعل النصر من نصيب الآشوريون دائمًا، شأنه في ذلك شن كل فن تسجيلي قديم بالنسبة لأهله، وترتب على ذلك أن أصبحت أغلب لوحاته لا تخلو من رتابة ومناظر معادة، زادها افتعالًا مبالغة أغلب الفنانيين في تنميق زخارف السطوح والثياب والشعور واللحى، والمبالغة في إظهار عضلات الشخصيات الرئيسية وهم الملوك في أغلب الأحوال، ثم إخضاع بعض الكائنات الطبيعية لعناصر زخرفية مفتعلة، وعدم مراعاة التناسب أحيانًا بين المكان وشاغليه، سواء في الارتفاع أم في المساحة. ولم يخفف من ثقل هذه الظواهر غير نجاح بعض أولئك الفنانين في إظهار حيوية تحركات الأفراد ولفتاتهم، والتمييز بين ملابس طبقة وأخرى، والتمييز بين ملابس الآشوريين وبين ملابس أعدائهم، والتعبير عن البيئة الطبيعية [1] عن احتمال اشتقاق كلمة خيلاني "أو هيلاني" من أصل حيثي بمعنى المدخل أو البوابة:
See, Frankfort. Op. Cit, 167 And Notes.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 529