نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 528
ثم هجرها العمران بعده بفترة قليلة فغطاها الرديم وحمى لحسن الحظ جزءًا كبيرًا من أطلالها، واحتفظت المصادر العربية بجزء من التسمية القديمة لهذه المدينة مع قليل من التحريف حيث ذكرتها باسم "سرغون" بينما احتفظ اسمها الحالي بنطق آخر أطلقه الساسانيون عليها وهو "خسرو أباد" "أي مدينة خسرو"، مع تحريفه إلى "خور سباد" و"خور صباد" في اللغة الدارجة الحالية.
قامت هذه المدينة على خطه شبه مربعة بلغت مساحتها نحو ميل مربع، وأحاطت بها أسوار ضخمة تنفتح في واجهاتها الأربع سبعة مداخل متباعدة، وقيل إنه كان لها 150 برجًا. وشيد لسرجون فيها قصران من طابق واحد أحدهما كبير في الضلع الشمالي للمدينة والآخر صغير في ضلعها الغربي. وقام الكبير منهما فوق مسطح مرتفع يؤدي إليه طريق صاعد، وتضمن نحو مائتي قاعة بلغت أبعاد القاعات الرئيسية منها نحن 32×8 أمتار، وبلغت مساحة بهوها الكبير نحو 976 مترًا. وخدمت القاعات الصغرى منها أغراض الملحقات وأماكن الإدارية. ويذهب الظن إلى أن عددًا من حجراتها المستطيلة سقفت بعقود وأن عددًا من حجراتها المربعة سقفت بقباب. واتصلت بقصر سرجون عن طريق فنائه الواسع ستة معابد، ثلاثة كبيرة وثلاثة صغيرة، وجاورتها زقورة مشتركة بلغ طول ضلع قاعدتها 143 قدمًا، وتخلف منها ما يدل على ثلاث طبقات أو أربع، لونت كل طبقة منها بلون مختلف عن لون الأخرى، وبلغ ارتفاع كل واحدة منها ثمانية عشر قدمًا. ويحتمل أن الزقورة بنيت في أصلها مع سبع طبقات وتوجها قدس الأقداس على ارتفاع 143 قدمًا، أي بما يساوي طول ضلع القاعدة. وكان يدور حولها طريق صاعد مسور يبدأ من القاعدة حتى القمة. وأقيم أكبر المعابد الستة، وهو معبد نابو، فوق مسطح مرتفع يؤدي إليه طريق صاعد، وتقدمت بوابته الداخلية صوار مصفحة بالبرونز تعلوها رموز مقدسة، وكسيت جوانبها بقراميد من القاشاني الملون "أو الطوب المزجج" المزخرف، تصور حيوانات وطيور وأشجار، وقامت في واجهة المعبد أساطين نصفية.
واستخدم المعماريون في عمائر سرجون الأحجار بكثرة في الأساسات وقواعد الأساطين وتيجانها وأعتاب الأبواب الرئيسية، وفي رصف الأرضيات وحشو شرفات القصر، وتكسيه أسافل الجدران الكبيرة. بينما استخدموا قوالب اللبن في بناء بقية الجدران، واستخدموا الآجر في بناء الأقبية والعقود المدببة وما يشبهها، واستفادوا في تنفيذ مبانيهم وزخارفها من أساليب المباني الحيثية القديمة والمباني السورية المجاورة لأرضهم. وهكذا كسيت الجوانب الداخلية لمداخل الحصن والقصر الرئيسية بالجص حتى ارتفاع يصل إلى ما بين الخمسة والستة أقادم، وكسيت أكتافها بلوحات حجرية امتدت نحو 14 قدمًا طولًا وارتفعت نحو 13 قدمًا، ونقشت بصور مجسمة شديدة البروز لكائنات حارسة. وكسيت جوانب فناء القصر الرئيسي وجدران قاعاته الرئيسية بلوحات حجرية أيضًا نقشت بحوليات سرجون وصوره متبوعًا برجال حاشيته، في أحجام كبيرة يزيد بعضها عن الحجم الطبيعي لقامة الإنسان، بينما نقشت لوحات الممر المؤدي إلى قاعة العرش بصور كائنات حارسة. ولعل الآشوريون قد اقتبسوا أسلوب الكساء الحجري في أول الأمر من مباني الحيثيين في بوغازكوي من مباني شمال سوريا في مثل ألالاخ وتل العطشانة الحالية.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 528