لحدود الاتحاد السوفيتي من المد الشيوعي الملحد، ومن العجيب أن النفاق السياسي والجري وراء تحقيق الأهداف والمصالح السياسية والاقتصادية جعل الغرب الاستعماري المسيحي يعمل على إحياء مبدأ الجهاد الإسلامي واستنفاره لمقاومة الشيوعية، من منطلق وحدة الأديان السماوية ضد الإلحادية اللادينية، وأن على العالم الإسلامي أن يجمع قواه في جبهة مع العالم المسيحي ضد الشيوعية، «في هذا السبيل شهدت تلك الفترة حركات فكرية، ومؤتمرات دعائية، ولقاآت لاهوتية عديدة، بدرجة لافتة للنظر، وتضرب كلها على نغمة التقارب بين الإسلام والمسيحية، وعلى وحدة الرسالات السماوية» [1] وقبل أن نمضي في بيان الإجراآت التي اتخذتها الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة لجر العالم الإسلامي وراءها في أحلاف عسكرية للوقوف في وجه العالم الشيوعي، يجب أن نسجل حقيقة يعلمها الجميع، وهي أن الكتلة الغربية الاستعمارية المسيحية طالما حملت على الإسلام وشهرت به، وسخرت منه، وألصقت به كل الجرائم والكرائه، وبصفة خاصة مبدأ الجهاد، الذي كان دائما يفسر عند الغرب على أنه دعوة عدوانية دموية متعصبة، ويهاجم بحسبانه دعوة إلى حروب دينية. أما الآن فعندما ما احتاج الغرب إلى سيوف المسلمين لمقاومة الشيوعية فقد رضي فجأة عن مبدأ الجهاد، وعرف قيمته وأخذ يسخره لحسابه الخاص في صراعه مع العالم الشيوعي، بل راح الغرب على لسان أكبر ساسته يكيل المديح للجهاد الإسلامي ويعترف بأن مقاومة المسلمين للشيوعية كانت أنجح وأقوى وأكثر تأثيرا من مقاومة الغرب، والسبب في ذلك يعود- حسب كلامهم- إلى أن مقاومة المسلمين للشيوعية كانت تنبع من دافع عقائدي، بينما الدافع الغربي للمقاومة كان من موقع المصلحة النفعية الرأسمالية.
ومن يطالع كتاب الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون- «انتهزوا الفرصة» - يجد كلاما كثيرا في هذا المجال، بل أكثر من ذلك فإن الغرب الاستعماري المسيحي كان إذا خير بين السيطرة الإسلامية على منطقة من المناطق وبين السيطرة الشيوعية، فإنه كان يختار السيطرة الإسلامية، وإليك هذا المثل:
يذكر الدكتور محمود حب الله، وهو أزهري مصري كان مديرا للمركز الإسلامي [1] د. جمال حمدان- المرجع السابق (ص 145) ، د. مصطفى محمد رمضان في بحث له بعنوان «جرائم العنف والتطرف التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية» رؤية تاريخية نشر في أعمال المؤتمر الدولي- العلوم الاجتماعية ودورها في مكافحة جرائم العنف والإرهاب في المجتمعات الإسلامية- القاهرة سنة (1998 م) .