* الدولة الأموية في الأندلس:
ظلت الأندلس منذ فتحها المسلمون (92- 95 هـ/ 711- 714 م) ولاية أموية تتبع الدولة الأموية الكبرى في دمشق، ويحكمها وال كان يعينه في البداية والي القيروان، وقد تم تعيين ثلاثة ولاة بهذة الطريقة، وهم عبد العزيز بن موسى بن نصير، وأيوب بن حبيب اللخمي، والحر بن عبد الرحمن الثقفي [1] .
ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة (99- 101 هـ/ 718- 720) رأى أن الأوضاع في الأندلس تقضي بأن تكون ولاية مستقلة عن ولاية شمال إفريقيا، فعيّن لها هو واليا من قبله مشهورا بالصلاح والتقوى وهو السمح بن مالك الخولاني.
ولكن بعد وفاة عمر بن عبد العزيز عادت الأندلس مرة أخرى لتصبح جزآ من ولاية شمال إفريقيا ويكون تعيين ولاتها من اختصاص أمير القيروان. واستمر ذلك الوضع إلى أن حدثت هزيمة المسلمين في موقعة بلاط الشهداء، أو تور بواتيه- كما يسميها الأوربيون- سنة (114 هـ/ 732 م) [2] . فبدأت الأمور تضطّرب، وكثرت الفتن في الأندلس، وانشغلت الدولة الأموية بأمور المشرق وأحداثه الخطيرة انشغالا كاملا. عندئذ خشي زعماء القبائل والجماعات في الأندلس من انفلات الأوضاع واضطراب الأمن فولوا عليهم- بمبادرة منهم- يوسف بن عبد الرحمن الفهري [3] ، دون تدخل من الدولة الأموية.
والحق أن الذي يتأمل الأوضاع في المشرق عند تولية يوسف بن عبد الرحمن الفهري على الأندلس سنة (129 هـ/ 747 م) لا يستغرب أبدا غياب الدولة الأموية عن قرار خطير كهذا؛ لأن ذلك العام يعد من أهم الأعوام وأكثرها حسما في تاريخ الدولة الأموية ففيه تفجرت الثورة العباسية المسلحة من خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني [4] ، واكتسحت في طريقها كل الجيوش الأموية التي تصدت لها ولم تتوقف إلا بعد أن أزالت الدولة الأموية العتيدة من الوجود، وذلك بمقتل مروان ابن محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية في المشرق في قرية بوصير جنوب الجيزة في [1] راجع ابن الأثير- الكامل (5/ 22) وما بعدها. [2] راجع محمد عبد الله عنان- دولة الإسلام في الأندلس (1/ 92) وما بعدها. [3] راجع ابن الأثير- الكامل، المصدر السابق (5/ 375) . [4] المصدر السابق (5/ 356) وما بعدها.