* دار صناعة السفن بالقلزم- السويس-:
كانت القلزم التي تقع على الطرف الشمالي للبحر الأحمر دارا لصناعة السفن منذ العصر الفرعوني، واستمرت تؤدي هذا الدور بعد الفتح الإسلامي، بل ازدادت أهميتها؛ نظرا لأنها تمثل حلقة وصل بين البحر الأبيض المتوسط والبحار الشرقية.
خصوصا بعد أن أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بحفر الخليج الذي نسب إليه، لربط النيل بالبحر الأحمر؛ لتسهيل حركة السفر والتجارة بين مصر والمدينة المنورة عاصمة الخلافة الإسلامية في ذلك الوقت [1] . وقد ازدهرت صناعة السفن الحربية في القلزم- السويس- بعد الفتح الإسلامي- وأيضا هنا تمدنا أوراق البردي العربية بمعلومات وفيرة عن ازدهار دار صناعتها، وذلك من خلال المراسلات التي دارت بين أمير مصر قرة بن شريك (90- 96 هـ/ 708- 714 م) وبين حاكم إقليم كوم شقاو، وهو مسيحي يسمى باسل، أو باسيليوس، في هذه المراسلات التي سجلتها مجموعة أوراق بردي كوم شقاو يطلب الأمير من حاكم الإقليم توفير العمال المهرة للعمل في بناء السفن في ميناء القلزم، وكذلك يطلب منه الأموال المفروضة على ذلك الإقليم لتحقيق نفس الغرض، وهكذا يتضح من الإشارات العديدة التي وردت في تلك البرديات أن القلزم كانت مركزا بحريّا هامّا تحت إدارة موظف عربي يدعى محمد بن أبي جيلية، وبعض البرديات تحتوي على قوائم بالأشياء المطلوبة من إقليم كوم شقاو، من نقود وبحارة لسفن الأسطول بالقلزم.
* دار صناعة السفن بجزيرة الروضة:
تقع جزيرة الروضة في وسط النيل، غربي حصن بابليون، وأحيانا يطلق عليها الجزيرة فقط، لشهرتها إذا سمع المتكلم اسم الجزيرة عرف أنها هي، وأحيانا كانت تضاف إلى مصر. وتذكر مصادر التاريخ [2] أن دار صناعتها أنشئت في عهد والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري (47- 62 هـ/ 667- 681 م) من قبل الخليفة معاوية بن أبي سفيان.
وقد بدأ العمل في دار صناعتها سنة (54 هـ/ 674 م) [3] أي في السنة التالية [1] ابن عبد الحكم- فتوح مصر (ص 112) . [2] تاريخ البحرية المصرية (ص 346) . [3] د. سعاد ماهر- البحرية في مصر الإسلامية (ص 313) .