كان يعيشها الرجل؛ ففي الوقت الذي كان يصارع دولتين كبيرتين؛ بل أكبر دول عصرهما؛ وهما فارس والروم؛ وقد وفقه الله إلى القضاء على أولاهما ووضع حدّا لغطرستها وعتوها وجبروتها على العباد، وحجم الثانية وأخذ منها أعز مستعمراتها في الشرق وأغناها الشام ومصر، وأشرف باقتدار على الحروب، ولم يستطع أي باحث أن يخطئه في قرار من قراراته الكثيرة، وفي الوقت نفسه كان يكمل بناء وتأسيس الدولة الإسلامية العظيمة، التي أرساها الرسول صلّى الله عليه وسلم وتابعه في تأسيسها الصديق رضي الله عنه، ويرسي دعائم مؤسساتها السياسية والإدارية، حتى تركها أقوى وأعظم دولة في عالمها كل ذلك في عشر سنين من عمر الزمن.
لقد كان عمر عبقريّا لم يفر فري أحد؛ كما أخبر بذلك الصادق المعصوم صلّى الله عليه وسلم ومن يريد أن يعرف عبقرية عمر السياسية والإدارية فليرجع إلى السفر الضخم القيم الذي ألفه الأستاذ الدكتور/ سليمان الطهاوي عن عمر بن الخطاب. وعنوانه «عمر ابن الخطاب وأصول السياسة والإدارة الحديثة- دراسة مقارنة» [1] . [1] ويقع الكتاب في (512) صفحة من القطع الكبير، نشر دار الفكر العربي.