responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي نویسنده : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    جلد : 1  صفحه : 220
وهذا ما تصوره عمر بن الخطاب عند ما أصدر أوامره الحاسمة للقادة المسلمين بعدم مواصلة الحروب، فقد قال لسعد بن أبي وقاص- بعد انتصاره العظيم في معركة القادسية، واستقراره في المدائن عاصمة الفرس عند ما طلب الإذن بالاستمرار في الفتوحات-: «لوددت أن بين السواد وبين الجبل سدّا لا يخلصون إلينا ولا نخلص إليهم، حسبنا من الريف السواد- أي: أرض العراق- إني آثرت سلامة المسلمين على الأنفال» [1] هذا موقف الخليفة في وضوح وحسم، رجل يعرف ما يريد ويقدر مسؤوليته عن سلامة المسلمين، التي هي عنده أفضل من الغنائم.
وفي هذا السياق كان رفضه الحاسم أيضا أن يستمر عمرو بن العاص في الفتوحات في الشمال الأفريقي، وكان قد وصل إلى طرابلس الغرب- كما أشرنا آنفا- وأمره بالعودة إلى مصر.
ثم كان رفضه الأشد حسما لطلب معاوية بن أبي سفيان وإلى الشام بالبدء في إنشاء أسطول لحماية شواطئ المسلمين في الشام ومصر من هجمات الأسطول البيزنطي؛ لأن الخليفة لم يكن يرى ضرورة لذلك في ذلك الوقت، ولم يقبل كل المبررات التي ساقها معاوية بشأن جزيرة قبرص وما كانت تمثله من تهديد خطير للمسلمين في الشام، وقال قولته الخالدة ردّا على مبررات معاوية: «والله لمسلم واحد أحب إليّ مما حوت الروم» [2] . هذا هو الخليفة العظيم الذي يحرص على سلامة الرجال، ويخاف عليهم من الخطر فموقفه إذن موقف رجل يعلم ويدرك تماما خطورة هذه الأمور، ويرى من واجبه الحفاظ على سلامة الرجال، وليس جهلا منه بأمر البحر، فهو قد مر بتجربتين بشأن الغزو في البحر، كلتاها انتهت بكارثة بالنسبة للمسلمين، ولعل ذلك كان له أثر في موقفه من نزول المسلمين إلى البحر، فقد كان يرى أن الوقت لا زال مبكرا، والاستعدادات لم تكن كافية، وكان يريد أن يترك ذلك للمستقبل حيث يستعد المسلمون للنزول إلى هذا الميدان الخطير استعدادا جيدا.
أما التجربتان اللتان مر بهما المسلمون بشأن الغزو في البحر فقد كانت الأولى هي غزوة العلاء بن الحضرمي لفارس من جزيرة البحرين، وبدون علم الخليفة، وكان

[1] تاريخ الطبري (4/ 28) .
[2] تاريخ الطبري (4/ 259) .
نام کتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي نویسنده : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست