وطردهم منها إلى الأبد ولقد زار الخبير العسكري المسلم جميع المواقع التي حارب فيها خالد بن الوليد على الطبيعة [1] ، وكلفه ذلك جهودا ومتاعب كبيرة، حيث تعلم اللغة العربية حتى يستطيع قراءة المصادر العربية، وزار ست دول عربية هي: سوريا ولبنان والأردن والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية (1968- 1969 م) .
ومشى على كل الأرض التي حارب عليها سيف الله خالد بن الوليد، ورسم (29) خريطة عسكرية للمواقع، ودرس بشكل تفصيلي حركة الجيوش المتحاربة في ميادين القتال الحقيقية، ولقد أزالت تلك الدراسة العلمية القيامة كثيرا من الغموض الذي كان يكتنف الفتوحات الإسلامية، من حيث ترتيب المعارك ترتيبا تاريخيّا وحدد خط سير لرحلة خالد بن الوليد الخطرة من العراق إلى الشام يختلف عما ذهب إليه كثير من المؤرخين المسلمين، وهو الطريق الذي بدأ من الحيرة وانتهى بسوي مارّا بقراقر واستبعد أن يكون خالد قد مر بدومة الجندل في هذه الرحلة لأسباب فنية [2] .
والرجل في الحقيقة لم يدع أنه حسم تلك المسألة نهائيّا، وإنما قال: إن هذا هو أقرب الحلول إلى المنطق وسير الحوادث.
أما المسألة التي حسمها فهي الموقع الذي دارت فيه معركة اليرموك، فقد قال:
إن ميدانها هو السهل الواقع شرقي نهر اليرموك وذلك لاعتبارات عسكرية.
والخلاصة أن هذا الكتاب هو أفضل كتاب تحدث عن الفتوحات الإسلامية التي تمت على يد سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه، وهو طبعا لم يتناول كل الفتوحات، ويبقى المجال مفتوحا لمزيد من الدراسات العسكرية الجادة عن بقية قادة الفتوحات الإسلامية، وأمجادهم العسكرية، مثل قتيبة بن مسلم، وفتوحاته في بلاد ما وراء النهر- والتي تسمى الآن آسيا الوسطى الإسلامية- ومحمد بن القاسم الثقفي وفتوحاته في إقليم السند، وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد وغيرهم من قادة الفتوحات الإسلامية في المغرب والأندلس.
ثالثا: إن الدارس للفتوحات الإسلامية في مصادرها الأصلية، وهي كتب [1] باستثناء المواقع التي تقع في فلسطين المحتلة. [2] انظر الخريطة (رقم 15) (ص 240) من الكتاب المذكور وعنوانه، خالد بن الوليد (سنة 1969 م) وترجمه إلى العربية إسماعيل كشميرى (سنة 1974 م) وهو من مطبوعات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة.