العربية وموانئ هذه البلاد كما يشهد بذلك بعض المؤرخين الأوربيين أنفسهم [1] .
ثم ليخبرنا بروكلمان وأمثاله كيف وصل الإسلام إلى أفريقيا، حيث توجد دول أفريقية بكاملها أو بغالبية سكانها على الأقل مسلمة الآن مثل نيجيريا والسنغال وغيرها. ولندع باحثا أوربيّا آخر ليقول لنا: كيف وصل الإسلام إلى أفريقيا. يقول سبنسر ترمنجهام: «وأما في غرب أفريقيا فإن انتشار الإسلام يرجع في المقام الأول إلى التجارة والدعوة له بواسطة التجار الأفارقة» [2] .
هل تبقى بعد ذلك للتهم التي يزعمها ويلصقها بالإسلام أعداؤه أية قيمة؟ أما آن للباحثين الغربيين أن يكفوا عن مهاجمة الإسلام، وأن يحترموا عقولهم بل وأن يحترموا عقول قرائهم في هذا العصر الذي يزعمون أنه عصر حرية الفكر.
أغلب الظن أن أغلب المستشرقين لم يستطيعوا التحرر من التعصب ضد الإسلام.
وجريا على قاعدة أن لكل قاعدة شواذ، فلم نعدم بعض المنصفين من الغربيين الذين فاهوا بالحقيقة وأعلنوها. ونختم هذه الخاتمة بكلمة لواحد من هؤلاء الغربيين المنصفين. وهي كلمة لها قيمتها في هذا المجال؛ لأنها صادرة عن باحث لا يمكن أن يكون متحيزا للإسلام أو متحمسا لترويج مبادئه والدعوة له. ولكنها الحقيقة ظهرت له ناصعة، فأجبرته على أن يعلنها. يقول توماس آرنولد: «وإذا نظرنا إلى التسامح الذي امتد على هذا النحو إلى رعايا المسلمين من المسيحيين في صدر الحكم الإسلامي ظهر أن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق» [3] .
وإذا كنا استشهدنا أكثر من مرة بكلام آرنولد وغيره من الغربيين المنصفين فليس ذلك لأن الأدلة في تراثنا قليلة أو غير كافية على صدق رأينا؛ ولكن لئلا ننسى من يقول كلمة حق في حقنا، وليعرفوا أننا لسنا متعصبين مثلهم؛ لأن ديننا هو دين التسامح وعرفان الجميل.
وبعد؛ فهذه لمحة عن دولة الإسلام وعلاقاتها الدولية في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم. أرجو أن أكون قد وفقت في عرضها. فإن صح هذا فالحمد لله أولا وأخيرا، وإن تكن [1] انظر توماس آرنولد- الدعوة إلى الإسلام (ص 316) . [2] سبنسر ترمنجهام- الإسلام في شرق إفريقيا (ص 111) . [3] توماس آرنولد- الدعوة إلى الإسلام (ص 88) .