* إسلام اهل عمان:
ثم أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد- أو عباد- ابني الجلندي ملكي عمان، يدعوهما للإسلام، وأرسل إليهما معه كتابا هذا نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعباد ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيّا ويحق القول على الكافرين.
وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام، فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما» [1] .
أوصل عمرو بن العاص كتاب النبي إليهما وبعد مناقشات طويلة استطاع إقناعهما فأسلما وأسلم قومهما بإسلامهما، وبقيا يحكمان بلدهما وبقي عمرو بن العاص ليجمع الصدقات ويحكم، ويقضي بين الناس، وقال عنهما: «وصدقا النبي صلّى الله عليه وسلم وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا عونا لي على من خالفني» [2] .
وهكذا في فترة وجيزة بعد صلح الحديبية، انتشرت الدعوة الإسلامية، وامتد نفوذ الدولة من اليمن إلى عمان والبحرين بالإضافة إلى مكة والطائف وأصبح على كل هذه المناطق ولاة من قبل الرسول صلّى الله عليه وسلم وإلى جانبهم قضاة ومعلمون وجباة.
وبعد عودة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غزوة تبوك في رمضان من السنة التاسعة للهجرة أقبلت عليه الوفود من سائر أنحاء الجزيرة العربية [3] معلنة إسلامها وبيعتها، وقبولها الدخول تحت سيادة الدولة، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلم يعين عليهم الأمراء والقضاء وجامعي الصدقات [4] .
بحيث يمكننا القول: إن الجزيرة العربية بأسرها انتظمتها وحدة دينية وسياسية تحت زعامة النبي صلّى الله عليه وسلم لأول مرة في تاريخها.
وبوفاة النبي صلّى الله عليه وسلم انتهت مهمته كرسول وانقطع الوحي؛ لأنه خاتم الأنبياء، [1] عيون الأثر (2/ 339) ، والبلاذري (1/ 92) . [2] عيون الأثر (2/ 342) . [3] الطبري (3/ 130) وما بعدها، وسيرة ابن هشام (4/ 222) وما بعدها. [4] الطبري (3/ 147) .