وهكذا أسلمت مكة- بعد مقاومتها العتيدة للإسلام- وأصبحت ولاية إسلامية وقد سبقت الإشارة إلى أن النبي صلّى الله عليه وسلم عين سعيد بن العاص لمراقبة سوقها بعد الفتح.
* ولاية الطائف:
في شهر رمضان من العام التاسع الهجري قدوم ثقيف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد عودته من تبوك، وذلك بعد ما يقرب من عام من حصار الطائف وفكه عنها، وأعلنوا إسلامهم فلما أسلموا كتب لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتابا، وأمّر عليهم عثمان ابن أبي العاص، بعد أن شاور فيه أبا بكر رضي الله عنه فقال له أبو بكر: إني قد رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن.
* إسلام البحرين:
بعد فتح مكة أرسل النبي صلّى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي أمير البحرين وكتب إليه كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام، فأسلم ورد على رسول الله بكتاب، جاء فيه: «أما بعد يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه، وفي أرضي مجوس ويهود فأحدث إلى في ذلك أمرك. فرد عليه النبي صلّى الله عليه وسلم بكتاب جاء فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأشهد ألاإله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله [1] ، أما بعد: فإني أذكرك الله عز وجلّ فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، فإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية» [2] .
بهذا الشكل دخل أهل البحرين الإسلام وأبقى الرسول صلّى الله عليه وسلم أميرهم المنذر بن ساوي يحكمهم نيابة عنه، وبقي العلاء بن الحضرمي معه قاضيا ومعلما وجامعا للصدقات. [1] الطبري (3/ 99) ، وسيرة ابن هشام (4/ 697) ، والبلاذري (1/ 70) . [2] عيون الأثر (2/ 339) ، والبلاذري (1/ 95) .