responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 190
عَلَى الْهَلَاكِ وَعَادَتِ السُّفُنُ تَدْخُلُ إِلَى وَسَطِ البلدة، ونخترق أَزِقَّةَ بَغْدَادَ. قَالَ وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّهُ جَرَى عِنْدَنَا أَمْرٌ عَظِيمٌ: لَمَّا كَانَ بِتَارِيخِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّالِثَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةَ وَمِنْ قَبْلِهَا بِيَوْمَيْنِ، عَادَ النَّاسُ يَسْمَعُونَ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِ الرَّعْدِ، فَانْزَعَجَ لَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَانْتَبَهُوا مِنْ مَرَاقِدِهِمْ وَضَجَّ النَّاسُ بِالِاسْتِغْفَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفَزِعُوا إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَّوْا فِيهِ، وَتَمَّتْ تَرْجُفُ بِالنَّاسِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ إِلَى الصُّبْحِ، وَذَلِكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَلَيْلَةَ الْخَمِيسِ كُلَّهَا وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَصُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ رَجَّةً قَوِيَّةً إِلَى أَنِ اضْطَرَبَ مَنَارُ الْمَسْجِدِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَسُمِعَ لِسَقْفِ الْمَسْجِدِ صَرِيرٌ عَظِيمٌ، وَأَشْفَقَ النَّاسُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَسَكَنَتِ الزَّلْزَلَةُ بَعْدَ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى قَبْلِ الظُّهْرِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ عِنْدَنَا بِالْحَرَّةِ وَرَاءَ قُرَيْظَةَ عَلَى طَرِيقِ السُّوَارِقِيَّةِ بِالْمَقَاعِدِ مَسِيرَةً مِنَ الصُّبْحِ إِلَى الظَّهْرِ نَارٌ عَظِيمَةٌ تَنْفَجِرُ مِنَ الْأَرْضِ، فَارْتَاعَ لَهَا النَّاسُ رَوْعَةً عَظِيمَةً، ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا دُخَانٌ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ يَنْعَقِدُ حَتَّى يَبْقَى كَالسَّحَابِ الأبيض، فيصل إِلَى قَبْلِ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ ظَهَرَتِ النَّارُ لَهَا أَلْسُنٌ تَصْعَدُ فِي الهواء إلى السماء حمراء كأنها القلعة، وَعَظُمَتْ وَفَزِعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَإِلَى الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَاسْتَجَارَ النَّاسُ بِهَا وَأَحَاطُوا بِالْحُجْرَةِ وَكَشَفُوا رُءُوسَهُمْ وَأَقَرُّوا بِذُنُوبِهِمْ وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَجَارُوا بِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَتَى النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ وَمِنَ النَّخْلِ، وَخَرَجَ النِّسَاءُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالصِّبْيَانُ، وَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ وَأَخْلَصُوا إِلَى اللَّهِ، وَغَطَّتْ حُمْرَةُ النَّارِ السَّمَاءَ كُلَّهَا حَتَّى بَقِيَ النَّاسُ فِي مِثْلِ ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَبَقِيَتِ السَّمَاءُ كَالْعَلَقَةِ، وَأَيْقَنَ النَّاسُ بِالْهَلَاكِ أَوِ الْعَذَابِ، وَبَاتَ النَّاسُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَيْنَ مُصَلٍّ وَتَالٍ لِلْقُرْآنِ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، وَدَاعٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُتَنَصِّلٍ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمُسْتَغْفِرٍ وَتَائِبٍ، وَلَزِمَتِ النَّارُ مَكَانَهَا وَتَنَاقَصَ تَضَاعُفُهَا ذَلِكَ وَلَهِيبُهَا، وَصَعِدَ الْفَقِيهُ وَالْقَاضِي إِلَى الْأَمِيرِ يَعِظُونَهُ، فَطَرَحَ الْمَكْسَ وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ كُلَّهُمْ وَعَبِيدَهُ، وَرَدَّ عَلَيْنَا كُلَّ مَا لَنَا تَحْتَ يَدِهِ، وَعَلَى غَيْرِنَا، وَبَقِيَتْ تِلْكَ النَّارُ عَلَى حَالِهَا تلتهب التهابا، وهي كالجبل العظيم [ارتفاعا و] كالمدينة عرضا، يَخْرَجُ مِنْهَا حَصًى يَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ وَيَهْوِي فِيهَا وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ نَارٌ تَرْمِي كَالرَّعْدِ. وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا ثُمَّ سَالَتْ سَيَلَانًا إلى وادي أجلين تنحدر مع الوادي إلى الشظا، حَتَّى لَحِقَ سَيَلَانُهَا بِالْبَحْرَةِ بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَالْحِجَارَةُ مَعَهَا تَتَحَرَّكُ وَتَسِيرُ حَتَّى كَادَتْ تُقَارِبُ حَرَّةَ الْعَرِيضِ، ثُمَّ سَكَنَتْ وَوَقَفَتْ أَيَّامًا، ثُمَّ عَادَتْ ترمى بِحِجَارَةٍ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، حَتَّى بَنَتْ لَهَا جَبَلَيْنِ وَمَا بَقِيَ يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ بَيْنِ الْجَبَلَيْنِ لسان لها أياما، ثم إنها عظمت وسناؤها إِلَى الْآنَ، وَهِيَ تَتَّقِدُ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ، ولها كل يوم صوت عظيم في آخِرَ اللَّيْلِ إِلَى ضَحْوَةٍ، وَلَهَا عَجَائِبُ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَشْرَحَهَا لَكَ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا هذا طرف يَكْفِي. وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَأَنَّهُمَا مُنْكَسِفَانِ إِلَى الْآنَ. وكتب هَذَا الْكِتَابَ وَلَهَا شَهْرٌ وَهِيَ فِي مَكَانِهَا مَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ» .
وَقَدْ قَالَ فِيهَا بعضهم أبياتا:

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست