responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 189
في رأس أجيلين نَارٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ، وَمَا بَانَتْ لَنَا إِلَّا لَيْلَةَ السَّبْتِ وَأَشْفَقْنَا مِنْهَا وَخِفْنَا خوفا عظيما، وطلعت إلى الأمير كلمته وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَحَاطَ بِنَا الْعَذَابُ، ارْجِعْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَأَعْتَقَ كُلَّ مَمَالِيكِهِ وَرَدَّ عَلَى جَمَاعَةٍ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قُلْتُ اهْبِطِ السَّاعَةَ مَعَنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَبَطَ وَبِتْنَا لَيْلَةَ السَّبْتِ وَالنَّاسُ جَمِيعُهُمْ وَالنِّسْوَانُ وَأَوْلَادُهُمْ، وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ لَا فِي النَّخِيلِ وَلَا فِي الْمَدِينَةِ إِلَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَالَ مِنْهَا نَهَرٌ مِنْ نَارٍ، وَأَخَذَ فِي وَادِي أُجَيْلِينَ وَسَدَّ الطَّرِيقَ ثُمَّ طَلَعَ إِلَى بَحْرَةِ الْحَاجِّ وَهُوَ بَحْرُ نَارٍ يَجْرِي، وَفَوْقَهُ جَمْرٌ يَسِيرُ إِلَى أَنْ قَطَعَتِ الْوَادِيَ وادي الشظا، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حضرته نحو قامتين وثلث علوها، والله يَا أَخِي إِنَّ عِيشَتَنَا الْيَوْمَ مُكَدَّرَةٌ وَالْمَدِينَةُ قَدْ تَابَ جَمِيعُ أَهْلِهَا، وَلَا بَقِيَ يُسْمَعُ فِيهَا رَبَابٌ وَلَا دُفٌّ وَلَا شُرْبٌ، وَتَمَّتِ النار تسيل إِلَى أَنْ سَدَّتْ بَعْضَ طَرِيقِ الْحَاجِّ وَبَعْضَ بَحْرَةِ الْحَاجِّ، وَجَاءَ فِي الْوَادِي إِلَيْنَا مِنْهَا يسير [1] وَخِفْنَا أَنَّهُ يَجِيئُنَا فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَدَخَلُوا عَلَى النبي صلّى الله عليه وسلم وتابوا عِنْدَهُ جَمِيعُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا قَتِيرُهَا الَّذِي مما يلينا فقد طفئ بقدرة الله وَأَنَّهَا إِلَى السَّاعَةِ وَمَا نَقَصَتْ إِلَّا تَرَى مثل الجمال حجارة وَلَهَا دَوِيٌّ مَا يَدَعُنَا نَرْقُدُ وَلَا نَأْكُلُ وَلَا نَشْرَبُ، وَمَا أَقْدِرُ أَصِفُ لَكَ عِظَمَهَا وَلَا مَا فِيهَا مِنَ الْأَهْوَالِ، وَأَبْصَرَهَا أَهْلُ يَنْبُعَ وَنَدَبُوا قَاضِيَهُمْ ابْنَ أَسْعَدَ وَجَاءَ وَعَدَا إليها، وما صبح يَقْدِرُ يَصِفُهَا مِنْ عِظَمِهَا، وَكَتَبَ الْكُتَّابُ يَوْمَ خَامِسِ رَجَبٍ، وَهِيَ عَلَى حَالِهَا، وَالنَّاسُ مِنْهَا خَائِفُونَ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مِنْ يَوْمِ مَا طَلَعَتْ مَا يَطْلُعَانِ إِلَّا كَاسِفَيْنِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ» .
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَبَانَ عِنْدَنَا بِدِمَشْقَ أَثَرُ الْكُسُوفِ مِنْ ضَعْفِ نُورِهَا عَلَى الْحِيطَانِ، وَكُنَّا حَيَارَى مِنْ ذَلِكَ أَيْشِ هُوَ؟ إِلَى أَنْ جَاءَنَا هَذَا الْخَبَرُ عَنْ هَذِهِ النَّارِ.
قُلْتُ: وَكَانَ أَبُو شَامَةَ قَدْ أَرَّخَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكُتُبِ بِأَمْرِ هَذِهِ النَّارِ، فَقَالَ: وَفِيهَا فِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ خَسَفَ الْقَمَرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ ثُمَّ انْجَلَى، وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَفِي غَدِهِ احْمَرَّتْ وَقْتَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا مُتَغَيِّرَةَ اللون ضعيفة النور، والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ مَا صَوَّرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنَ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ، وَاسْتَبْعَدَهُ أَهْلُ النِّجَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو شَامَةَ: «وَمِنْ كِتَابٍ آخَرَ مِنْ بَعْضِ بَنِي الْفَاشَانِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ فِيهِ: وَصَلَ إِلَيْنَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ نَجَابَةٌ مِنَ الْعِرَاقِ وَأَخْبَرُوا عَنْ بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى طفح الماء من أعلى أسوار بغداد إليها، وغرق كثير منها، وَدَخَلَ الْمَاءُ دَارَ الْخِلَافَةِ وَسَطَ الْبَلَدِ، وَانْهَدَمَتْ دَارُ الْوَزِيرِ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ دَارًا، وَانْهَدَمَ مَخْزَنُ الْخَلِيفَةِ، وَهَلَكَ مِنْ خِزَانَةِ السِّلَاحِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وأشرف الناس

[1] في النسخة المصرية «قتير» .
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست