responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 387
ثم دخلت سنة سبع وتسعين وثلثمائة فِيهَا كَانَ خُرُوجُ أَبِي رَكْوَةَ عَلَى الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ صَاحِبِ مِصْرَ.
وَمُلَخَّصُ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ أَنَّهُ كَانَ مِنَ سلالة هاشم بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ، وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِأَبِي رَكْوَةَ لِرَكْوَةٍ كَانَ يصحبها في أسفاره على طريق الصوفية، وقد سَمِعَ الْحَدِيثَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ ثم رحل إلى اليمن ثم دخل الشام، وهو في غضون ذلك يُبَايِعُ مَنِ انْقَادَ لَهُ، مِمَّنْ يَرَى عِنْدَهُ همة ونهضة للقيام في نصرة ولد هشام، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ بِبَعْضِ بِلَادِ مِصْرَ فِي محلة من محال العرب، يعلم الصبيان ويظهر التقشف والعبادة والورع، ويخبر بشئ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، حَتَّى خَضَعُوا لَهُ وَعَظَّمُوهُ جِدًّا، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ الذي يدعى إليه من الأمويين، فاستجابوا له [1] وَخَاطَبُوهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلُقِّبَ بِالثَّائِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْمُنْتَصِرِ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَدَخَلَ بَرْقَةَ فِي جحفل عظيم، فَجَمَعَ لَهُ أَهْلُهَا نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ دينار، وأخذ رجلاً من اليهود اتهم بشئ مِنَ الْوَدَائِعِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ أَيْضًا، وَنَقَشُوا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ بِأَلْقَابِهِ، وَخَطَبَ بِالنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَعَنَ الْحَاكِمَ فِي خُطْبَتِهِ وَنِعِمَّا فَعَلَ، فَالْتَفَّ عَلَى أَبِي رَكْوَةَ مِنَ الْجُنُودِ نَحْوٌ مَنْ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، فلمَّا بَلَغَ الْحَاكِمَ أَمْرُهُ وَمَا آلَ إِلَيْهِ حَالُهُ بَعَثَ بخمسمائة
ألف دينار وخمسة آلاف ثوب إِلَى مُقَدَّمِ جُيُوشِ أَبِي رَكْوَةَ وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [2] يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ وَيَثْنِيهِ عَنْ أبي ركوة، فحين وصلت الأموال إليه رجع عن أبي ركوة وقال له: إِنَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِالْحَاكِمِ، وَمَا دُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَنَحْنُ مَطْلُوبُونَ بِسَبَبِكَ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ بَلَدًا تَكُونُ فِيهَا.
فَسَأَلَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُ فَارِسَيْنِ يُوصِّلَانِهِ إِلَى النَّوْبَةِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَلِكِهَا مَوَدَّةً وَصُحْبَةً، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ بَعَثَ وَرَاءَهُ مَنْ رَدَّهُ إِلَى الْحَاكِمِ بِمِصْرَ، فَلَمَّا وَصَلَ إليه أركبه جملاً وشهّره ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، ثُمَّ أَكْرَمَ الحاكم الفضل وأقطعه أقطاعاً كَثِيرَةً.
وَاتَّفَقَ مَرَضُ الْفَضْلِ فَعَادَهُ الْحَاكِمُ مَرَّتَيْنِ، فلما عوفي قتله وألحقه بصاحبه وهذه مُكَافَأَةَ التِّمْسَاحِ.
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا عُزِلَ قِرْوَاشٌ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ وَوَلِيَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن يزيد، وَلُقِّبَ بِسَنَدِ الدَّوْلَةِ.
وَفِيهَا هَزَمَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ محمود بن سبكتكين مَلِكَ التُّرْكِ عَنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقًا كَثِيرًا.
وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ بن واصل وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ فَطِيفَ بِهِ بِخُرَاسَانَ وَفَارِسٍ.
وَفِيهَا ثَارَتْ عَلَى الْحَجِيجِ وَهُمْ بِالطَّرِيقِ رِيحٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ جِدًّا، وَاعْتَرَضَهُمُ ابْنُ الْجَرَّاحِ أَمِيرُ الْأَعْرَابِ فَاعْتَاقَهُمْ عَنِ الذَّهَابِ فَفَاتَهُمُ الحج فرجعوا إلى بلادهم فَدَخَلُوهَا فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ.
وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ بِالْحَرَمَيْنِ للمصريين.

[1] قال ابن الأثير إن سبب استجابتهم له أن الحاكم بأمر الله كان قد أسرف في قتل القواد وحبسهم وأخذ أموالهم، وسائر القبائل معه في ضنك وضيق، (وخاصة) بني قرة قد آذهم وحبس منهم جماعة من أعيانهم، وقتل بعضهم.
(9 / 198 والعبر 4 / 58) .
[2] في الكامل 9 / 200: الفضل بن عبد الله كان على جيوش الحاكم التي قابلت أبا ركوة.
وفي العبر 3 / 58: الفضل بن صالح.
والقائد الذي استماله الفضل من مقدمي جيش أبي ركوة هو ماضي بن مقرب (*) .
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست