responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 315
منيع وأبراج عالية كبار كثيرة.
وَقَسَّمَ الْمُعْتَصِمُ الْأَبْرَاجَ عَلَى الْأُمَرَاءِ فَنَزَلَ كُلُّ أَمِيرٍ تُجَاهَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَقْطَعُهُ وَعَيَّنَهُ لَهُ، ونزل المعتصم قبالة مكان هناك قد أرشد إليه، أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ المسلمين، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ عِنْدَهُمْ وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رأى أمير المؤمنين والمسلمين رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ
وَخَرَجَ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَأَسْلَمَ وَأَعْلَمَهُ بِمَكَانٍ فِي السُّورِ كَانَ قَدْ هَدَمَهُ السيل وبني بناء ضعيفاً بِلَا أَسَاسٍ، فَنَصبَ الْمُعْتَصِمُ الْمَجَانِيقَ حَوْلَ عَمُّورِيَةَ فكان أول موضع انهدم من سورها ذلك الموضع الذي دلهم عليه ذَلِكَ الْأَسِيرُ، فَبَادَرَ أَهْلُ الْبَلَدِ فَسَدُّوهُ بِالْخَشَبِ الكبار المتلاصقة فألح عليها المنجنيق فجعلوا فوقها البرادع ليردوا حدة الحجر فلم تُغْنِ شَيْئًا، وَانْهَدَمَ السُّورُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ وَتَفَسَّخَ.
فَكَتَبَ نَائِبُ الْبَلَدِ إِلَى مَلِكِ الرُّوم يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَبَعَثَ ذَلِكَ مَعَ غُلَامَيْنِ مِنْ قومهم فلما اجتازوا بالجيش في طريقهما أنكر المسلمون أَمْرَهُمَا فَسَأَلُوهُمَا مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَا: مِنْ أَصْحَابِ فلان - لأمير سموه من أمراء الْمُسْلِمِينَ - فَحُمِلَا إِلَى الْمُعْتَصِمِ فَقَرَّرَهُمَا فَإِذَا مَعَهُمَا كتاب مناطس [1] نَائِبِ عَمُّورِيَةَ إِلَى مَلِكِ الرُّوم يُعْلِمُهُ بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْحِصَارِ، وَأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَبْوَابِ الْبَلَدِ بِمَنْ مَعَهُ بَغْتَةً على المسلمين ومناجزهم القتال كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ.
فَلَمَّا وَقَفَ الْمُعْتَصِمُ عَلَى ذَلِكَ أَمَرَ بِالْغُلَامَيْنِ فَخَلَعَ عَلَيْهِمَا، وأن يعطى كل غلام مِنْهُمَا بِدُرَّةٍ، فَأَسْلَمَا مِنْ فَوْرِهِمَا فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُطَافَ بِهِمَا حَوْلَ الْبَلَدِ وَعَلَيْهِمَا الْخُلَعُ، وأن يوقفا تحت حصن مناطس فَيُنْثَرَ عَلَيْهِمَا الدَّرَاهِمُ وَالْخُلَعُ، وَمَعَهُمَا الْكِتَابُ الَّذِي كتب به مناطس إِلَى مَلِكِ الرُّوم فَجَعَلَتْ الرُّومُ تَلْعَنُهُمَا وَتَسُبُّهُمَا.
ثُمَّ أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ عِنْدَ ذَلِكَ بِتَجْدِيدِ الْحَرَسِ والاحتياط والاحتفاظ مِنْ خُرُوجِ الرُّومِ بَغْتَةً فَضَاقَتْ الرُّومُ ذَرْعًا بِذَلِكَ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْحِصَارِ، وَقَدْ زاد المعتصم في المجانيق وَالدَّبَّابَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ.
وَلَمَّا رأى المعتصم عمق خندقها وارتفاع سورها، أعمل المجانيق في مقاومة السور، وَكَانَ قَدْ غَنِمَ فِي الطَّرِيقِ غَنَمًا كَثِيرًا جداً ففرقها في الناس وأمر أن يأكل كل رجل رأساً ويجئ بِمِلْءِ جِلْدِهِ تُرَابًا فَيَطْرَحُهُ فِي الْخَنْدَقِ، فَفَعَلَ النَّاسُ ذَلِكَ فَتَسَاوَى الْخَنْدَقُ بِوَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ كَثْرَةِ مَا طُرِحَ فِيهِ مِنَ الْأَغْنَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالتُّرَابِ فَوُضِعَ فَوْقَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ طَرِيقًا مُمَهَّدًا، وَأَمَرَ بِالدَّبَّابَاتِ أَنْ تُوضَعَ فَوْقَهُ فَلَمْ يُحْوِجِ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ.
وَبَيْنَمَا النَّاسُ في الجسر المردوم إذ هدم المنجنيق ذلك الموضع المعيب، فَلَمَّا سَقَطَ مَا بَيْنَ الْبُرْجَيْنِ سَمِعَ النَّاسُ هَدَّةً عَظِيمَةً فَظَنَّهَا مَنْ لَمْ يَرَهَا أَنَّ الروم قد خرجوا على المسلمين بغتة، فبعث المعتصم من نادى فِي النَّاسِ: إِنَّمَا ذَلِكَ سُقُوطُ السُّورِ.
فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ ما هدم يسع الخيل والرجال إذا دخلوا.
وقوي الحصار وقد وكلت الروم بكل برج من أبراج السور أميراً يحفظه، فضعف ذلك الأمير الذي هدمت ناحيته من
السور عن مقاومة ما يلقاه من الحصار، فذهب إلى مناطس فسأله نجدة فَامْتَنَعَ أَحَدٌ مِنَ الرُّومِ أَنْ يُنْجِدَهُ وَقَالُوا: لا نترك ما نحن موكلون في حفظه.

[1] في الطبري: 10 / 339: ياطس، وفي ابن الاثير 6 / 485: ناطس.
وفي مروج الذهب 4 / 70: باطس وهو بطريق عمورية الكبير.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست