responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 314
يَدَيْهِ عُجَيْفًا وَطَائِفَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ وَمَعَهُمْ خَلْقٌ مِنَ الْجَيْشِ إِعَانَةً لِأَهْلِ زِبَطْرَةَ، فَأَسْرَعُوا السَّيْرَ فَوَجَدُوا مَلِكَ الرُّومِ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ وانشمر راجعاً إلى بلاده، وتفارط الحال ولم يمكن الاستدراك فيه، فرجعوا إِلَى الْخَلِيفَةِ لِإِعْلَامِهِ بِمَا وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ، فَقَالَ لِلْأُمَرَاءِ: أَيُّ بِلَادِ الرُّومِ أَمْنَعُ؟ قَالُوا: عَمُّورِيَةُ لَمْ يَعْرِضْ لَهَا أَحَدٌ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ، وَهِيَ أَشْرَفُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ.
فَتْحُ عَمُّورِيَةَ عَلَى يَدِ الْمُعْتَصِمِ لَمَّا تَفَرَّغَ الْمُعْتَصِمُ من بابك وَقَتَلَهُ وَأَخَذَ بِلَادَهُ اسْتَدْعَى بِالْجُيُوشِ إِلَى بَيْنِ يديه وتجهز جهازاً لم يجهزه أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَأَخَذَ مَعَهُ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ وَالْأَحْمَالِ وَالْجِمَالِ وَالْقِرَبِ وَالدَّوَابِّ وَالنِّفْطِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ شَيْئًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وسار إلى عمورية في جحافل أمثال الجبال، وبعث الأفشين حيدر بن كاوس من ناحية سروج، وعبى جيوشه تَعْبِئَةً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأُمَرَاءَ الْمَعْرُوفِينَ بِالْحَرْبِ، فَانْتَهَى فِي سَيْرِهِ إِلَى نهر اللسى [1] وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ طَرَسُوسَ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ من
هذه السنة.
وَقَدْ رَكِبَ مَلِكُ الرُّومِ فِي جَيْشِهِ فَقَصَدَ نَحْوَ الْمُعْتَصِمِ فَتَقَارَبَا حَتَّى كَانَ بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، وَدَخَلَ الْأَفْشِينُ بِلَادَ الروم من ناحية أخرى، فجاؤوا في أثره وَضَاقَ ذَرْعُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ إِنْ هُوَ نَاجَزَ الْخَلِيفَةَ جَاءَهُ الْأَفْشِينُ مِنْ خَلْفِهِ فَالْتَقَيَا عَلَيْهِ فيهلك، وإن اشتغل بأحدهما وترك الآخر أخذه من خلفه.
ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنْهُ الْأَفْشِينُ فَسَارَ إِلَيْهِ مَلِكُ الروم في شرذمة من جيشه واستخلف على بقية جيشه قريباً له فالتقيا هُوَ وَالْأَفْشِينُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ بَقِينَ من شعبان منها، فَثَبَتَ الْأَفْشِينُ فِي ثَانِي الْحَالِ وَقَتَلَ مِنَ الروم خلقاً وجرح آخرين، وتغلب على مَلِكِ الرُّومِ وَبَلَغَهُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْجَيْشِ قَدْ شَرَدُوا عَنْ قَرَابَتِهِ وَذَهَبُوا عَنْهُ وَتَفَرَّقُوا عَلَيْهِ فَأَسْرَعَ الْأَوْبَةَ فَإِذَا نِظَامُ الْجَيْشِ قَدِ انْحَلَّ، فَغَضِبَ عَلَى قَرَابَتِهِ وَضَرَبَ عُنُقَهُ وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بذلك كله إلى المعتصم فسره ذلك وركب مِنْ فَوْرِهِ وَجَاءَ إِلَى أَنْقِرَةَ وَوَافَاهُ الْأَفْشِينُ بمن معه إلى هناك، فوجدوا أهلها قد هربوا منه فتقووا منها بما وجدوا من طعام وغيره، ثُمَّ فَرَّقَ الْمُعْتَصِمُ جَيْشَهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ فَالْمَيْمَنَةُ عَلَيْهَا الْأَفْشِينُ، وَالْمَيْسَرَةُ عَلَيْهَا أَشْنَاسُ، وَالْمُعْتَصِمُ فِي الْقَلْبِ، وَبَيْنَ كُلِّ عَسْكَرَيْنِ فَرْسَخَانِ، وَأَمَرَ كُلَّ أَمِيرٍ مِنَ الْأَفْشِينِ وَأَشْنَاسَ أَنْ يَجْعَلَ لِجَيْشِهِ مَيْمَنَةً وَمَيْسَرَةً وَقَلْبًا وَمُقَدِّمَةً وَسَاقَةً، وَأَنَّهُمْ مَهْمَا مروا عليه من القرى حرقوه وخربوه وَأَسَرُوا وَغَنِمُوا، وَسَارَ بِهِمْ كَذَلِكَ قَاصِدًا إِلَى عمورية، وكان بينها وبين مدينة أَنْقِرَةَ سَبْعُ مَرَاحِلَ، فَأَوَّلُ مَنْ وَصَلَ إِلَيْهَا من الجيش أَشْنَاسُ أَمِيرُ الْمَيْسَرَةِ ضَحْوَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَدَارَ حَوْلَهَا دَوْرَةً ثُمَّ نَزَلَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْهَا، ثُمَّ قَدِمَ الْمُعْتَصِمُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَهُ، فَدَارَ حَوْلَهَا دَوْرَةً ثُمَّ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْهَا، وقد تحصن أهلها تحصناً شديداً وملأوا أَبْرَاجَهَا بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاحِ، وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ كَبِيرَةٌ جداً ذات سور

[1] في ابن الاثير 6 / 481: نهر السن، وفي الطبري 10 / 335: نهر اللمس وهو على سلوقية قريبا من البحر بينه وبين طرسوس مسيرة يوم.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست