responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 300
فصل فلما وصلت جوابات القوم إلى المأمون بعث إلى نائبه يمدحه على ذلك ويرد عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرَدَّ مَا قَالَ فِي كِتَابٍ أَرْسَلَهُ.
وَأَمَرَ نَائِبَهُ أَنْ يَمْتَحِنَهُمْ أَيْضًا فَمَنْ أَجَابَ مِنْهُمْ شُهِرَ أَمْرُهُ فِي النَّاسِ، ومن لم يجب منهم فابعثه إِلَى عَسْكَرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُقَيَّدًا مُحْتَفَظًا بِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَرَى فِيهِ رأيه، ومن رأيه أن يضرب عنق من لم يقل بقوله.
فعند ذلك عقد النائب بِبَغْدَادَ مَجْلِسًا آخَرَ وَأَحْضَرَ أُولَئِكَ وَفِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، وَكَانَ صَاحِبًا لِبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ، وَقَدْ نَصَّ الْمَأْمُونُ عَلَى قَتْلِهِمَا إِنْ لَمْ يُجِيبَا عَلَى الْفَوْرِ، فَلَمَّا امْتَحَنَهُمْ إِسْحَاقُ أَجَابُوا كُلُّهُمْ مُكْرَهِينَ مُتَأَوِّلِينَ قَوْلَهُ تَعَالَى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) [النحل: 106] الآية.
إِلَّا أَرْبَعَةً وَهُمْ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ.
فقيَّدهم وَأَرْصَدَهُمْ لِيَبْعَثَ بِهِمْ إِلَى الْمَأْمُونِ، ثُمَّ اسْتَدْعَى بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَامْتَحَنَهُمْ فَأَجَابَ سَجَّادَةُ إِلَى الْقَوْلِ بذلك فأطلق.
ثُمَّ امْتَحَنَهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَجَابَ
الْقَوَارِيرِيُّ إلى ذلك فأطلق قيده.
وأخرَّ أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند يسابوري لأنهما أصرا على الامتناع من القول بذلك، فَأَكَّدَ قُيُودَهُمَا وَجَمَعَهُمَا فِي الْحَدِيدِ وَبَعَثَ بِهِمَا إلى الخليفة وهو بطرسوس، وكتب كِتَابًا بِإِرْسَالِهِمَا إِلَيْهِ.
فَسَارَا مُقَيَّدَيْنِ فِي مَحَارَةٍ عَلَى جَمَلٍ مُتَعَادِلِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَجَعَلَ الإمام أحمد يدعو الله عزوجل أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَأْمُونِ، وَأَنْ لا يرياه ولا يراهما.
ثم جاء كِتَابُ الْمَأْمُونِ إِلَى نَائِبِهِ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا أَجَابُوا مُكْرَهِينَ مُتَأَوِّلِينَ قَوْلَهُ تَعَالَى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) الآية.
وقد أخطأوا في تأويلهم دلك خَطَأً كَبِيرًا، فَأَرْسِلْهُمْ كُلَّهُمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَاسْتَدْعَاهُمْ إِسْحَاقُ وَأَلْزَمَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى طَرَسُوسَ فَسَارُوا إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَلَغَهُمْ مَوْتُ الْمَأْمُونِ فَرُدُّوا إِلَى الرَّقَّةِ، ثُمَّ أُذِنَ لَهُمْ بالرجوع إِلَى بَغْدَادَ.
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ نُوحٍ قَدْ سَبَقَا النَّاسَ، وَلَكِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا به.
بل أهلكه الله قبل وصولهما إليه، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دُعَاءَ عَبْدِهِ وَوَلِيِّهِ الْإِمَامُ أحمد بن حنبل، فلم يريا المأمون ولا رآهما، بل ردوا إلى بغداد.
وسيأتي تمام ما وقع لهم مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ فِي أَوَّلِ وِلَايَةِ الْمُعْتَصِمِ بن الرشيد، وتمام باقي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ ومائتين وبالله المستعان.
عبد الله الْمَأْمُونِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَأْمُونُ بْنُ هَارُونَ الرشيد العباسي القرشي الهاشمي أَبُو جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يقال لها مَرَاجِلُ الْبَاذَغِيسِيَّةُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ لَيْلَةَ تُوُفِّيَ عَمُّهُ الْهَادِي، وَوَلِيَ أَبُوهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ، وَكَانَ ذَلِكَ ليلةَ الجمعةِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: رَوَى الحديث عن أبيه وهاشم بْنِ بِشْرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ، وَيُوسُفَ بْنِ قحطبة، وَعَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرِ.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ - وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهُ - وَيَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ الْقَاضِي وَابْنُهُ الْفَضْلُ بْنُ الْمَأْمُونِ وَمَعْمَرُ بْنُ شَبِيبٍ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست