responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 289
فَقَالَ الْمَأْمُونُ: أَحْسَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا.
فرمى العود مِنْ حِجْرِهِ وَوَثَبَ قَائِمًا فَزِعًا مِنْ هَذَا الكلام، فقال له المأمون: اجلس واسكن مرحباً بك وأهلاً، لم يكن ذلك لشئ تتوهمه، ووالله لا رأيت طول أيام شيئاً تكرهه.
ثم أمر له بعشرة آلاف دينار وخلع عليه، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِرَدِّ جَمِيعِ مَا كَانَ له من الأموال والضياع والدور فردت إليه، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مُكْرَمًا مُعَظَّمًا.
عُرْسُ بُورَانَ وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا بَنَى الْمَأْمُونُ بِبُورَانَ بِنْتِ الحسن بن سهل، وقيل أنه خرج فِي رَمَضَانَ إِلَى مُعَسْكَرِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ بِفَمِ الصِّلْحِ، وَكَانَ الْحَسَنُ قَدْ عُوفِيَ مِنْ مَرَضِهِ، فَنَزَلَ الْمَأْمُونُ عِنْدَهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ وُجُوهِ الْأُمَرَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَأَكَابِرِ بَنِي هَاشِمٍ، فَدَخَلَ بِبُورَانَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي لَيْلَةٍ عَظِيمَةٍ وَقَدْ أُشْعِلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ شُمُوعُ الْعَنْبَرِ، وَنُثِرَ عَلَى رَأْسِهِ الدُّرُّ وَالْجَوْهَرُ، فَوْقَ حُصْرٍ مَنْسُوجَةٍ بِالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ.
وَكَانَ عَدَدُ الْجَوْهَرِ مِنْهُ أَلْفَ دُرَّةٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُمِعَ فِي صِينِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ الْجَوْهَرُ فِيهَا فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا
نَثَرْنَاهُ لِتَتَلَقَّطَهُ الْجَوَارِي، فقال: لا أنا أعوضهن من ذلك.
فجمع كله، فلما جاءت العروس ومعها جدتها [أم الفضل و] [1] زبيدة أُمُّ أَخِيهِ الْأَمِينِ - مِنْ جُمْلَةِ مَنْ جَاءَ مَعَهَا - فَأُجْلِسَتْ إِلَى جَانِبِهِ فَصَبَّ فِي حِجْرِهَا ذلك الجوهر وقال: هذا نحلة مني إليك وَسَلِي حَاجَتِكَ، فَأَطْرَقَتْ حَيَاءً.
فَقَالَتْ جَدَّتُهَا: كَلِّمِي سَيِّدَكِ وَسَلِيهِ حَاجَتَكِ فَقَدْ أَمَرَكِ.
فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَرْضَى عَنْ عَمِّكَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ، وَأَنْ تَرُدَّهُ إِلَى مَنْزِلَتِهِ التي كان فيها، فَقَالَ: نَعَمْ! قَالَتْ: وَأُمُّ جَعْفَرٍ - تَعْنِي زُبَيْدَةَ - تَأْذَنُ لَهَا فِي الْحَجِّ.
قَالَ: نَعَمْ! فَخَلَعَتْ عليها زبيدة بذلتها الأميرية [2] وأطلقت له قَرْيَةً مُقَوَّرَةً.
وَأَمَّا وَالِدُ الْعَرُوسِ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ فَإِنَّهُ كَتَبَ أَسْمَاءَ قُرَاهُ وَضِيَاعَهُ وَأَمْلَاكَهُ فِي رِقَاعٍ وَنَثَرَهَا عَلَى الْأُمَرَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ، فمن وقعت بيده رقعة في قرية منها بَعَثَ إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا نُوَّابُهُ فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ مِلْكًا خَالِصًا.
وَأَنْفَقَ عَلَى الْمَأْمُونِ وَمَنْ كان معه من الجيش في مدة إقامته عِنْدَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا يُعَادِلُ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَلَمَّا أَرَادَ الْمَأْمُونُ الِانْصِرَافَ مِنْ عِنْدِهِ أَطْلَقَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ درهم، وأقطعه البلد الذي هُوَ نَازِلٌ بِهَا، وَهُوَ إِقْلِيمُ فَمِ الصِّلْحِ [3] مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْإِقْطَاعَاتِ.
وَرَجَعَ الْمَأْمُونُ إِلَى بَغْدَادَ فِي أَوَاخِرِ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ رَكِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ إِلَى مِصْرَ فَاسْتَنْقَذَهَا بِأَمْرِ الْمَأْمُونِ مِنْ يَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ السَّرِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْمُتَغَلِّبِ عَلَيْهَا، وَاسْتَعَادَهَا مِنْهُ بَعْدَ حروب يطول ذكرها.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ اللُّغَوِيُّ وَاسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ مِرَارٍ.
وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ [4] .
وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أعلم.

[1] من ابن الأثير 6 / 395، وقد سقطت من الاصل فجاء المعنى مختلفا.
[2] في الطبري: الاموية، وفي ابن الاثير 6 / 395: اللؤلؤية الاموية.
[3] فم الصلح: نهر كبير، يأخذ من دجلة بأعلى واسط عليه نواح كثيرة، وقيل: بلدة على دجلة قريبة من واسط.
[4] الطاطري: لقب من يبيع ثياب الكرابيس بدمشق، وهو أبو بكر الدمشقي كان إماماً ثقة متقنا صالحا خاشعا.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست