responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 288
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ فِي صَفَرٍ منها دخل نصر بن شبث بغداد، بعثه عبد الله بن طاهر فدخلها ولم يتلقاه أَحَدٌ مِنَ الْجُنْدِ بَلْ دَخَلَهَا وَحْدَهُ، فَأُنْزِلَ في المدينة أَبِي جَعْفَرٍ ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ ظَفِرَ الْمَأْمُونُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ كُبَرَاءِ مَنْ كَانَ بَايَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ فعاقبهم وحبسهم في المطبق، ولما كان ليلة الأحد لثلاث عشرة من ربيع الآخر اجْتَازَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ - وَكَانَ مُخْتَفِيًا مُدَّةَ ست سنين وشهوراً متنقباً فِي زِيِّ امْرَأَةٍ وَمَعَهُ امْرَأَتَانِ - فِي بَعْضِ دُرُوبِ بَغْدَادَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيل، فَقَامَ الْحَارِسُ فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ وَمِنْ أَيْنَ؟ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُمْسِكَهُنَّ فَأَعْطَاهُ إِبْرَاهِيمُ خَاتَمًا كأنَّ فِي يَدِهِ مِنْ يَاقُوتٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إليه اسْتَرَابَ وَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا خَاتَمُ رَجُلٍ كَبِيرِ الشأن، فذهب بن إِلَى مُتَوَلِّي اللَّيْلِ فَأَمَرَهُنَّ أَنْ يُسْفِرْنَ عَنْ وُجُوهِهِنَّ، فَتَمَنَّعَ إِبْرَاهِيمُ فَكَشَفُوا عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَعَرَفَهُ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الجسر فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ فَرَفَعَهُ الْآخَرُ إِلَى بَابِ الْمَأْمُونِ، فَأَصْبَحَ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ وَنِقَابُهُ عَلَى رَأْسِهِ والملحفة في صدره ليراه الناس، وليعملوا كَيْفَ أُخِذَ.
فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِالِاحْتِفَاظِ بِهِ وَالِاحْتِرَاسِ عَلَيْهِ مُدَّةً، ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَرَضِيَ عَنْهُ.
هَذَا وَقَدْ صَلَبَ جَمَاعَةً مِمَّنْ كَانَ سَجَنَهُمْ بِسَبَبِهِ لِكَوْنِهِمْ أَرَادُوا الْفَتْكَ بِالْمُوَكَّلِينَ بِالسِّجْنِ، فَصَلَبَ مِنْهُمْ أربعة.
وقد ذكروا أن إبراهيم لما وقف بين يدي المأمون أنبّه على ما كان منه فَتَرَقَّقَ لَهُ عَمُّهُ إِبْرَاهِيمُ كَثِيرًا، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ تُعَاقِبْ فَبِحَقِّكَ، وَإِنْ تَعْفُ فَبِفَضْلِكَ.
فَقَالَ: بَلْ أَعْفُو يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ الْقُدْرَةَ تُذْهِبُ الْحَفِيظَةَ، وَالنَّدَمُ تَوْبَةٌ وَبَيْنَهُمَا عَفْوُ الله عزوجل، وَهُوَ أَكْبَرُ مِمَّا تَسْأَلُهُ، فَكَبَّرَ إِبْرَاهِيمُ
وَسَجَدَ شكراً لله عزوجل.
وَقَدِ امْتَدَحَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ ابْنَ أَخِيهِ الْمَأْمُونَ بِقَصِيدَةٍ بَالَغَ فِيهَا، فَلَمَّا سَمِعَهَا الْمَأْمُونُ قَالَ: أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 92] وذكر ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ الْمَأْمُونَ لَمَّا عَفَا عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ أَمَرَهُ أَنْ يُغَنِّيَهُ شَيْئًا فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُهُ.
فَأَمَرَهُ فَأَخَذَ الْعُودَ فِي حِجْرِهِ وقال: هذا مقام سرور خَرِبَتْ مَنَازِلُهُ وَدُورُهْ * نَمَّتْ عَلَيْهِ عِدَاتُهُ كَذِبًا فَعَاقَبَهُ أَمِيرُهْ ثمَّ عَادَ فَقَالَ: ذَهَبْتُ مِنَ الدنيا وقد ذهبت عني * لَوَى الدَّهْرُ بِي عَنْهَا وَوَلَّى بِهَا عَنِّي فِإِنْ أَبْكِ نَفْسِي أَبْكِ نَفْسًا عَزِيزَةً * وَإِنْ أحتقرها أحتقرها على ضغن وإني وإن كنت المسئ بعينه * فإني بربي موقن حَسَنُ الظَّنِّ عَدَوْتُ عَلَى نَفْسِي فَعَادَ بِعَفْوِهِ * عليَّ فَعَادَ الْعَفْوُ مَنًّا عَلَى منِّ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست