البارئ جلّ جلاله واعلم أن البارئ عزّ وجلّ ليس بمحسوس فيحصره الحواسّ ولا معلوم بالإحاطة فيدرك كيفيّته وكميته وأينيّته ولا مقيّس بنظير له أو شبيه فُيعلم بأكثر الظنّ والحزر ولا موهوم بصورة من الصّوَر لكنّه معروف بدلائل أفعاله وآيات آثاره موجود في العقول لا غير ولا تُوجَدُ آثاره وأفعاله إلاّ في خَلْقه ومن الدليل على إثبات البارئ سبحانه تفاضل الخلق في الدرجات والطباع والهمم والإرادات والصُوَر والأخلاق وتمايز الأشخاص والأنواع من أجناس الحيوان والنبات فلو أنها مكونة [1] بالطباع لاستوت أحوالها وتكافأت أسبابها وكانت تكون في أنفسها مختارة ولما يُوجَد فيها ناقص ولا عاجز ولا مذموم ولا متأخّر عن درجة صاحبه فلمّا وجدنا الأمر بخلافه علمنا أنّ مدبّراً دبّره ومرتّباً رتّبه وهو البارئ سبحانه، وقد قلنا في صدر هذه المقالة إن عدد الدلائل عليه تعالى وتقدّس غير محصاة ولا متقصّاة لأنّك لو عمدتَ إلى أصغر شخص من أشخاص الحيوان وأعملت فكرك في تعداد ما يوجدك من آثار صنع الصانع فيه لرجعت حسيرا عييّا [1] مكون Ms.