بما فيها. فقال له عقيل بن معقل: ترفّق بالرجل، وأعطه الرضا ما لم يحرجك، وكن على رأس أمرك من كيده واغتياله. قال: فبعث إليه من الغد: انّي عليك شفيق، وقد هجم عليك الشتاء على رقّة من معك وسوء حالهم، فانضمّ إلينا بطاعتك نواسك ونتحنّن عليك، فإنّ جنود أمير المؤمنين قد أقبلت إلينا، فيوشك من اجتمع إليك أن يتفرّق عنك، ومن وعدك نصره أن يخذلك والسلام [1] . فكتب إليه أبو مسلم في جوابه:
قد فهمت كتابك، وبلغتني رسالتك، ولست بوادّ ولا نصيح [و] [2] ما استشرناك ولا شكونا خلّتنا إليك، فأمّا ما ذكرت من رقّتنا وسوء حالنا فقد صدقت وذاك يدعونا إلى مزاحمتك على ما في يدك والسلام. قال: فلما قرأ نصر الكتاب تعاظمه وقطّب ما بين عينيه، وتغيّر لونه، وكرر قراءة الكتاب ثم قال: هذا جواب أحسب أن يتلوه [3] ما هو أشد منه.
وكان أبو مسلم يطمع نصرا في نفسه، ويعظمه ويبدأ به في كتابه إليه حتى أجابه عليّ إلى نصرته ومظاهرته وقبول دعوته، فكتب إليه كتابا [4] بدأ فيه بنفسه وقال:
إنّ الله تباركت أسماؤه عيّر [5] أقواما فلا تكن منهم، فقال عزّ وجل:
وَأَقْسَمُوا 35: 42 [149 ب] بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ 35: 42 [1] انظر كتاب التاريخ ص 267 ب. [2] زيادة من ن. م. ص 268 أ. [3] من ن. م. ص 268 أ «سيتلوه» . [4] انظر شرح نهج البلاغة ج 3 ص 280. [5] في الأصل «غير» وجاء في عيون التواريخ، حوادث السنة التاسعة والعشرون والمائة: «أما بعد فإن الله قد تخير أقواما فقال سبحانه..» .