واهتمت الشيعة، وتلاقوا فيه، واجتمعوا له عند أبي مسلم فتناظروا فيه.
فزعم مزيد [1] بن شقيق قال: اجتمعنا لذلك عند أبي مسلم، فقال سليمان بن كثير: إنّما ينبغي لك أن تجمع إخوانك بعد إبرامك الرأي، فإذا أردت أن تصدره عرضته عليهم فإن رأوا إنفاذه أنفذته. فقال أبو مسلم: الحقّ فيما قلت، ثم نهض وأخذ بيد سليمان وخالد بن عثمان، ثم دعوا القاسم ابن مجاشع ثم دعوا أسلم بن أبي سلّام فتذاكروا عظيم ما رموا به من القرّاء وإجابتهم نصرا. قال أبو منصور غالب بن سعد [2] : فلما شاورهم في ذلك قال له أسلم بن أبي سلّام: عندي في هذا شيء ليس يفسده عندي [3] إلّا أني منفرد [4] بالرأي، وإن وافقتموني عليه فهو الحزم وفيه القوة والخروج [142 ب] من غمّ ما أتانا من قبل هذا الفاجر إن شاء الله. قال أبو مسلم: هات، فربّ هنة فرّجتها برأيك. قال: أرى أن تبكر بالغداة فتجمع أهل خندقك، ثم تخبرهم أنك أمرت بدعاء الناس كافة إلى كتاب الله عزّ وجل وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وإلى الرضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والعمل بالحق والعدل [5] ، وإنّ من تابعك على ذلك فله ما لك وعليه ما عليك، ومن أنكر ذلك جاهدته في الله حقّ جهاده، ثم تبدأ بنفسك وتبايع على ذلك، ثم تدعو بوجوه إخوانك فتأخذ عليهم البيعة بمثله، ثم تدعو جماعة الناس فتبايعهم حتى لا يبقى أحد من أهل الخندق إلّا بايع. فبلغنا أنّ خالد بن عثمان قال: هذا والله الرأي، وقال له سليمان: الثقة فيما رأيت، وقال أبو صالح والقاسم بن مجاشع: نعم الرأي هذا. قال أبو مسلم: المؤمن موفّق، [1] في الأصل: «مرثد» . انظر ص 217. [2] في الطبري س 2 ص 1963: غالب بن سعيد. [3] في الأصل: «عنده» والتصويب من كتاب التاريخ ص 266 ب. [4] في ن. م. ص 266 ب «متفرد به» . [5] في كتاب التاريخ ص 267 أ «والعمل بالعدل والحق والأخذ للضعيف من القوي» .