وأنّه سيندم على إجابة هذا الرجل ويطلب أن يستقبل من خطأه فلا يقدر على ذلك. فأتى جبلة عليّا فخبّره بقول نصر، وخوّفه وحذّره، فأبى إلّا مضيّا على إجابة أبي مسلم والجد معه في إظهار الدعوة، فانصرف إلى نصر فخبّره بذلك. فلمّا رأى نصر ذلك بعث إلى المتفقّهين والمتنسّكين ومن أقام على الدخول في شيء من فتنتهم، فجمعهم فحمد الله وأثنى عليه وقال، إنّكم كرهتم مشاهدتنا في حربنا هذه وزعمتم أنها فتنة القاتل والمقتول فيها في النار، فلم نردد عليكم رأيكم في ذلك، وهذا حدث قد ظهر بحضرتكم:
هذه المسوّدة وهي تدعو إلى غير ملّتنا وقد أظهروا غير سنتنا، وليسوا من أهل قبلتنا يعبدون السنانير ويعبدون [142 أ] الرءوس [1] ، علوج وأغتام [2] وعبيد وسقّاط العرب والموالي. فهلمّوا فلنتعاون على إطفاء نائرتهم [3] وقمع ضلالتهم، ولكم أن نعمل بما في كتاب الله وسنة نبيّه وسنة العمرين بعده.
قالوا: فأجابوه إلى مظاهرته على حرب أبي مسلم والجد معه في ذلك، وتلافي [4] الناس به، وتداعى إليه كثير منهم، وبلغ ذلك أبا مسلم.
تدبير أبي مسلم ونصر في محاربة بعضهم بعضا
وبلغ ذلك أبا مسلم، فكبر عليه اجتماع أهل الدين والعوام على حربه مع نصر، ولم يلق شيئا [5] من المكايد أعظم في نفسه منه، فاغتمّ بذلك، [1] في الأصل: «الروش» ، وفي «عبدة الرءوس» ، إشارة للمانوية. [2] في الأصل: «إغشام» . [3] في الأصل: «تايرتهم» . [4] تلافي به: أدرك به ثأره. [5] في الأصل: «شيء» .