فمن حلم ظفر، ومن علم حذر، فالحذر منجح، والحلم مفلح. قال:
صدقت في كلّ ما وصفت، وقد انقضت مسائلي. قال ابن عبّاس: فأسألك؟
قال: لا. قال: وأبيك ما أنصفتني. قال: إني أخاف أن يشمت بي أو بك معاوية. قال معاوية: لا وأبيك، ما بك الشماتة يا ابن الزبير، ولكن خشيت على نفسك إذ همز بك غلام أبطحيّ هاشميّ منافيّ لم تقعد به أعراقه ولم تشنه أخلاقه فهمزك همز القناة [51 ب] لثقافها حتى اعتدل صعرك، واستقام له ميلك. قال ابن الزبير: الحمد للَّه الّذي لم [1] يمتني حتى رأيتك تفخر عليّ بفخر غيرك، أمّا ابن عباس فجماله جمالي، وهو ابن خالي، وأيم الله لو كنت أنت المتكلّم لأفحمنّك ولألجمنّك لجاما تمج لشكيمه دما ثم تستمرّه علقما. فقال معاوية: قاتلك الله يا ابن الزبير! ما أجرأك علينا، وأجبنك عن غيرنا، وإنك لكما قيل [2] :
جهلا علينا وجبنا عن عدوّكم ... لبئست الخلّتان: الجهل والجبن
قال ابن الزبير عند ذلك:
إذا رأوا خلّة طاروا بها فرحا ... منّي وما علموا من صالح دفنوا [3]
قال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين إنّما كلمت ابن عمّي ولم أرد به بأسا، ولم يرد بي، فأعفنا أنت مما تقول فإنك لا تدري إلى ما نؤول.
أبو المنذر عن أبي مسكين عن ابن إسحاق قال: لما أخرج [4] ابن الزبير، [1] زيادة يفرضها السياق. [2] في النص «قال» وفي الهامش «قيل» وبه أخذنا.
[3] في اللسان: «إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ... » ، وقد نسبه صاحب اللسان لقعنب ابن أم صاحب. انظر اللسان ج 16 ص 148. [4] انظر أنساب الأشراف ج 3 ص 287 (القاهرة) ، ق 1 ص 551- 2 (إسطنبول) .