وقد أشار الطوسي إلى هذا في مقدمة تفسيره، واعتبره من أهدافه الكبرى،
فقال: (سمعت جماعة من أصحابنا قديما وحديثا يرغبون في كتاب مقتصد، يجتمع على جميع
فنون علم القرآن: من القراءة، والمعاني، والإعراب، والكلام على المتشابه، والجواب
عن مطاعن الملحدين فيه، وأنواع المبطلين، كالمجبرة والمشبّهة والمجسّمة وغيرهم،
وذكر ما يختص أصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه، على صحّة مذهبهم في أصول
الديانات وفروعها. وأنا إن شاء الله تعالى أشرع في ذلك على وجه الإيجاز والاختصار
لكل فن من فنونه، ولا أطيل، فيملّه الناظر فيه، ولا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن
معانيه)[1]
وهو لأمين الإسلام، أبي علي، الفضل بن الحسن الطبرسي الطوسي، أصله من
طبرستان، وقيل من تفرش (طبرس) من نواحي مدينة قم بإيران، ولد سنة 468 هـ وعاش في المشهد
الرضوي حتى سنة 523 هـ، ثمّ انتقل إلى سبزوار حيث عاش فيها حتى وفاته سنة 552 هـ، وقد
ذكر المترجمون له أنّه تتلمذ على يد الشيخ أبي علي ابن شيخ الطائفة الطوسي، وكذلك
الشيخ أبي الوفاء عبد الجبّار بن علي المقري الرازي، والشيخ الحسن بن الحسين بن
الحسن بن بابويه القمي الرازي[2]..
وميزة تفسيره أنه من التفاسير التي تجد رواجا وقبولا عند كل من الشيعة والسنة،
بل اعتبره الفريقان من أقدم المصادر التفسيرية، وقد اعتمد فيه منهجية علمية مميزة،
حيث يعتمد على اللغة، ثم الإعراب، ثم الحجة، ثم القراءة، ثم المعنى، ولا يقتصر على
آراء مذهب دون آخر، بل يذكر آراء جميع المذاهب الإسلامية، ولذلك صار هذا التفسير
مميزاً عن سائر