وحساس وذو حدين، إن فُهِم بالشكل الصحيح أثمر أعظم النتائج الإيجابية،
وإن فُهِم بالشكل المشوّه كما هو اليوم، كان من العوامل المثبطة للهمم والعزائم.. التوكل
في المفهوم القرآني مفهوم ينبض بالدفع والنشاط والحيوية، ويزيل كل عوامل التردد
والانهزام والخوف، ولذلك نجد القرآن يستعمله عندما يريد أن يثبت ويشد من عزيمة
وصمود الفئة المسلمة.. وللأسف إن هذا المفهوم القرآني النابض بالحياة، تبدل بين
المسلمين اليوم إلى مفهوم التواكل والتقاعس عن العمل والاندفاع)[1]
ومثله مفهوم الزهد، والذي وصفه مطهري بقوله: (هذا المفهوم من المفاهيم
التي شوهت وتأثرت بملابسات غير إسلامية، فالزهد الذي يعني لغة ترك الشيء والرغبة
عنه، واصطلاحا يطلق على من يترك أمرا له رغبة طبيعية فيه، فلا يطلق مثلا على
المريض الذي لا رغبة له بالطعام أنه زاهد، هذا المفهوم جاء به الإسلام ليحث
الإنسان على الترفع عن الانشداد البهيمي بالأرض، وعن ممارسة القدرة والتسلط
لاستضعاف الناس واستغلال ثرواتها، وعندها تتحول كل الممارسات الحياتية إلى وسيلة
للإنسان ترتقي به إلى الله سبحانه، وتصبح الدنيا وسيلة لا غاية.. هذا المفهوم تأثر
بالرهبانية التي ابتدعتها المسيحية.. حيث نجد فيها أن كل ممارسة مع الطبيعة
والحياة عملا دنيويا، وأما الطقوس فهي الأعمال الأخروية المعزولة عن كل ممارسة
حياتية، وقد رفض الإسلام هذه الرهبانية وعبر على لسان رسوله a: (لا رهبانية في الإسلام)[2]، واعتبر أن كل الأعمال
الدنيوية يمكن أن تتأطر بإطار ديني، وتصبح أعمالا عبادية وأخروية، وذلك فيما لو
كان الهدف منها تحصيل رضا إلى الله، فالسلطة الاقتصادية يمكن لها أن تكون وسيلة
لتحقيق خلافة الله على الأرض، فقد